330

الحس والتعقل.

إنه نوع جديد من المعرفة ونمط متميز من إدراك الحقائق ، ليس محالا من وجهة نظر العلم وان كان يصعب على أصحاب الاتجاه المادي القبول به لكونه طريقا غير حسي ولا تعقلي.

وأما من جهة الاصول العلمية فلا مجال لإنكاره ، ولا مبرر لعده من المحالات.

ان طريق التعرف على حقائق الكون الخارج عن الذهن في منهج الماديين ، وأصحاب النزعة المادية ينحصر في قناتين لا اكثر ، وهما اللذان سبق ذكرهما ، في حين أن هناك حسب نظرة الأديان والشرائع الكبرى وحسب نظرة الفلاسفة والعرفاء الالهيين قناة ثالثة أيضا.

بل إن هذا الطريق الثالث كما أسلفنا في مسألة الوحي أكثر واقعية ، وأقوى أسسا ، وأوسع آفاقا عند من يدعون الرسالة ، والنبوة من جانب الله سبحانه ، وإن نفوس اولئك الأشخاص لتبدو أكثر صفاء وطراوة بفضل هذا الطريق ، وفي ضوء هذه القناة.

وكلما حصل إرتباط بين الله ، وبين فرد من أفراد النوع الإنساني على نحو خاص القيت الحقائق في وجوده من دون توسط الحواس الظاهرية ، وإعمال الفكر ، واستخدام جهاز العقل.

وهذا النوع من الإلقاء يسمى حينا بالالهام ، وبالاشراق حينا آخر.

ولكن كلما نتج من إرتباط الإنسان بما وراء الطبيعة سلسلة من التعاليم العامة والأنظمة والبرامج الشاملة اطلق على هذا النوع من الإلقاء عنوان ( الوحي )، وسمي الآتي بها ( ملك الوحي ) والآخذ لها ( نبيا ).

هذا وقد يوجب الإلهام الثقة والاطمئنان للملهم إليه ، ولكنه لا يمكن أن يكون مبعث الإطمئنان والثقة عند الآخرين (1).

صفحہ 335