قلت : لا يخفى عليك أن التحريم في كلام المازري معناه الكبيرة ، بدليل ذكره المنع أولا ، فالاحتمالان الملوح بهما في كلام ابن عبد الحكم هما كونه صغيرة أو كبيرة ، لا التحريم وكراهة التنزيه ؛ لأن ذلك لا يصح مع قوله : على كل حال ، إذ الظاهر منه كان هناك مسكر أو لا ، ومع وجود المسكر لا يصح كراهة التنزيه أصلا على ما هو المعلوم من نصوص المذهب وقواعده ، ومثل هذا التعبير كثير في كلام أهل المذهب ، كما لا يخفى على المطلع على كلامهم، العارف باصطلاحاتهم ، فليفهم من كان ذا فهم ، وما علينا إذا لم تفهم البقر ، وقد نقل الأجهوري في شرحه هذه الحكاية ، وقال عقبها : قلت : بين الخطيب وبين إبراهيم مفاوز ، تحتاج لمعرفة رجالها ، هذا مع ما في الحكاية من السماجة ، ومن علم حال الإمام وجلالته قطع بعدم صحتها ، وقد قال رضي الله عنه : ما جالست سفيها قط ، والعجب من ابن عرفة كيف راح عليه ذلك ! ولا حول ولا قوة إلا بالله . قلت : ولما ذكر ابن غازي في تكميل التقييد كلام ابن عرفة المتقدم ، واختصر منه بعض شيء ، قال : طويت ذكر بقية الحكاية لسماجتها ، ومنافاتها لحال الإمام مالك ، وكان من حق ابن عرفة أن لا يذكر ذلك ، على أن إبراهيم هذا وأباه لم يخلوا من الكلام فيهما ، فقد قال أبو جعفر العقيلي : إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزاهدي ، قال أحمد بن حنبل : ذكر عند يحيى بن سعيد فكأنه ضعفه ، وأثنى عليه أحمد ، وروى مرة عن وكيع عنه ، ثم تركه ، انتهى كلام الأجهوري .
صفحہ 17