تلوار اور آگ سوڈان میں

سلاطين باشا d. 1351 AH
163

تلوار اور آگ سوڈان میں

السيف والنار في السودان

اصناف

قبل غروب الشمس بساعتين حضر حامد وزكي بثلاثة جمال ارتوت قبل حضورها، وحمل كل من الصديقين قربة مملوءة بالماء، وحال وصولهما ركب ثلاثتنا الجمال الثلاثة وسرنا في طريق شرقية شمالية معرجين إلى الناحية الشرقية، مخترقين التلال التي كانت فيما مضى وعرة جدا وعسيرا تسلقها. ولم يكد يرخي الليل سدوله حتى وصلنا إلى المستوى الفسيح بعيدين عن أنظار الناس. واصلنا رحلتنا طول الليل بدون وقوف، وكان سيرنا على الجمال بطيئا شبيها بالسير العادي. وعندما بدأ نور الفجر، بشرنا حامد بأنا قطعنا ما يقرب من نصف المسافة في طريقنا الوعرة وفي رحلتنا الخطيرة.

أضاف حامد إلى ذلك: «إنا اليوم في أخطر وأدق أيام رحلتنا؛ لأنا أصبحنا مجاورين لشاطئ النيل، وسنضطر إلى اجتياز مراع تابعة لقبائل النهر، فنسأل الله اللطيف بعباده أن يصل بنا إلى غرضنا دون وقوع عيون المراقبين علينا.»

في طول رحلتنا هذه لم يتغير منظر البلاد الخلوية الصحراوية إلا في القليل النادر، الذي نجد فيه بقاعا من الأعشاب يتخللها بعض أكمات الميموسا، أما الأرض في غالبيتها فرملية تنتشر الأحجار في بعض نواحيها.

سرنا في رحلتنا الأخيرة دون وقوف في الطريق ولم يكن لدينا من الطعام سوى التمر الذي أكلناه على ظهور جمالنا. وعندما بلغت الشمس سمت الرأس، شاهدنا قطيعا من الغنم يقوده بعض الرعاة، فاضطررنا إلى تحويل خط سيرنا حتى لا يرونا، وعندما شعرنا أنهم شاهدونا أسرع زكي بن بلال بجمله إليهم ليلتقط الأنباء. وبعد أن قابلهم، رجع إلينا فطمأننا بأنهم لا يعرفون شيئا عنا وعن هروبنا من أم درمان. تابعنا السير فشاهدنا آثار خطوات جمال وماشية وحمير، فخشينا وقوعنا في قبضة المتعقبين، ولكنا حمدنا الله لأن الناس لم يظهروا في ذلك الوقت. وبعد قليل من رحلتنا وصلنا إلى جزء منبسط فسيح من الأرض مرة أخرى.

قال لي حامد: «هل تشاهد البقعة الرمادية اللون القائمة على مئات من الياردات أمام خط سيرنا؟ تلك طريق القوافل من بربر إلى وادي حمير ودار شيفية، فإذا ما اجتزنا تلك البقعة بعيدين عن الأنظار، فليس بعد ذلك ما يخيفنا؛ لأن كل ما بين تلك البقعة والنهر عبارة عن أرض حجرية لا أثر للأقدام فيها، ولا شيء من النبات أو الأعشاب بين جهاتها؛ وإذن هي بعيدة عن أقدام الآدميين. وعلى أية حال، من الواجب عليك أن تنصت لكل تعليماتي من الآن، وأولها سير الجمال ببطء، حتى إذا ما قطعت جمالنا خمسمائة خطوة أو يزيد وصلنا إلى مكان الأثر، وبعدئذ نتحول في الطريق المؤدية إلى بربر سائرين بضع دقائق، ثم نغير سيرنا مرة أخرى إلى الجهة الشرقية .»

بعد أن انتهى حامد من ذلك القول سكت سكوت الموافقة، ثم قال لي: «هل ترى تلك الرابية الصخرية الواقعة على بعد ثلاثة أميال تقريبا؟ هناك سنجد مكانا أمينا هو الوحيد الذي نستطيع عنده تضليل متعقبينا، بحيث لا يقفون على أي أثر لأقدامنا.»

أصغينا إلى تعاليم وأوامر حامد، فاجتزنا طريق القوافل التي لا يجتازها الناس إلا في القليل، وأكبر امتياز لها اختفاء آثار العابرين. وعلى أية حال، تقابلنا في المكان المعين.

ابتسم حامد في النهاية وقال لي: «حث الجمال على المسير ولا تستغن عن أقصى مساعدة ممكنة من تلك الجمال الأمينة؛ لأنا الآن في شديد الحاجة إلى خدمتها. ومهما يكن الأمر، فقد انتهى كل شيء على خير، ووفقنا الله توفيقا عظيما.»

منذ غادرنا أم درمان لم أشاهد ابتسامة واحدة في وجه حامد قبل هذه الأخيرة، فأدركت في الحال أنا نجونا من الخطر بمحاذاتنا شاطئ النهر.

واصلنا السير وكل منا يضرب جمله الشديد التعب بدون رحمة، حتى تركنا صفا من التلال إلى يميننا ووصلنا إلى قرابة.

نامعلوم صفحہ