فأكد لي لبتون بأن معرفته بالآلات سطحية جدا، وأنها ستسوء بإدارته، وأن الحظ السيئ هو الذي سيجبره على قبول هذه الوظيفة، وخاطب الخليفة عدلان في هذا الشأن، وفي المساء أرسل إلي لبتون يقول إنه قد تعين في هذه الوظيفة براتب قدره أربعون ريالا في الشهر، وفي هذا المبلغ كفاف المعيشة.
وأشيع في ذلك الوقت في أم درمان أن الأحباش سيغيرون على القلابات، وقيل أيضا إن من يدعى الحاج علي واد سالم من الكواحلة كان يقيم في القلابات، وقد تعين أميرا على قبيلته، وكان يسيح في تخوم الحبشة فأغار على جبطة وهدم كنيستها.
وكان من يدعى صالح شنجة، وهو رجل تكروري، كان يقيم قبلا في القلابات فلما أخلاها الجنود المصريون ذهب وأقام في الحبشة، ولكن ابن عمه أحمد واد أرباب عين أميرا في ذلك القسم.
وكان حاكم أمهرة - في الحبشة - الرأس عدل قد طلب من «أرباب» أن يسلم له الحاج علي الذي أغار على جبطة، فرفض طلبه فجمع جيشا وأغار به على القلابات.
وكان «أرباب» قد علم بنية الرأس عدل على الهجوم، فجمع جيشا يبلغ ستة آلاف ووقف ينتظره خارج المدينة، ولكن هجوم الأحباش الذي كان يزيد عددهم على عدد السودانيين بعشرة أضعاف كان عنيفا، فأحدقوا بالدراويش وذبحوهم وقتل وذبحوهم وقتل «أرباب» ولم ينج إلا عدد قليل جدا، وقطع الأحباش أجسام القتلى ومثلوا بهم، ما عدا جسم «أرباب» فإنهم استثنوه احتراما لصالح شنجة.
وكان الدراويش قد خزنوا بارودهم في منزل ووكلوا حراسته لمصري، فلما طالب الأحباش هذا المصري بتسليم البارود أبى وأشعل البارود فانفجر وقتله هو ومن حوله من الأحباش. أما القلابات نفسها فقد أحرقها الأحباش وسووها بالأرض بحيث صارت خرابا لا يعيش فيها سوى الضباع.
ولما بلغ الخليفة خبر اصطلام جيش واد أرباب، أرسل خطابا إلى الملك يوحنا يعرض عليه افتداء الأسرى بمبلغ يعينه هو بنفسه، ولكنه في الوقت نفسه أمر يونس بأن يقوم بجيشه إلى القلابات وينتظر أوامره هناك.
وعندما غادر يونس الخرطوم بجيشه عبر الخليفة النهر إلى الخرطوم وشيعه ثم عاد إلى أم درمان.
وحدث أن «كلوتز» اختفى فجأة من أم درمان، وكان هذا على أثر فشله في الحصول على ما يعيش به، وظننت أنه قد فر ونجا، ولكني علمت من بعض التجار الواردين من غضارف أنه وصل إلى هذه البلدة، وقد بلغ به الإعياء حتى مات قبل هجوم الأحباش.
الفصل الثاني عشر
نامعلوم صفحہ