سیف مہند
al-Sayf al-muhannad fi sirat al-Malik al-Muʾayyad
اصناف
شىء من ذهب وفضة مما يكفيه إلى مدة طويلة ، بل ربما كان يبقى عنده شىء من ذلك إلى حين إخراج صدقة أخرى ، وكان يرسل أباسا أمناء ثقات ومعهم جملة من الذهب والفضة فينزاون إلى المدينة ، ويجولون في أزقتها وخفاياها ، ويسأون عن المحتاجين والمنقطعين ، فيفرقون عليهم ما يكفيهم ، ويغنيهم عن السعى والترداد إلى الناس ، وهذا شىء لم يفعله ملك قبله .
ومن جملة محاسن مولانا السلطان أنه يذكر بنفسه المنقطعين من العلماء ، ويرسل إليهم جملة من الذهب ، ولقد شاهدنا ذلك في جماعة كثيرين ، منهم الشيخ الإمام العلامة عز الدين ابن جماعة ، وكان يرسل إليه في كل مرة من الذهب الأحمر خمسين دينارا ، ومصارفتها اثنا عشر ألف درهم . ومنهم الشيخ شمس الدين الصوفى والشيخ السالك نصر الله العجمى وغيرهم من العلماء والقادمين إلى الديار المصرية ، .
ولما وقع الغلاء المقرط فى أول سنة تسع عشرة وثمانمائة - بحيث قد عدم الخبز من الذكاكين ، والدقيق من الطواحين والأفران ، بحيت حصل للناس من ذلك أمر عظيم ، حتى إن الإردب من القمح كان يقف على مشتريه مطحونا بألف درهم - أرسل مولانا السلطان المؤيد إلى كل واحد من المدرسين فى المدارس
والمشايخ في الخوانق والزوايا مبلغ عشرة دنانير وإردبا من القمح الطيب ، ورتب فى كل يوم عشرين ألف رعيف من الدقيق الأبيض ، يفرق على كل واحد من الفقراء والمساكين والغرباء القادمين القاطنين في الجوامع والمدارس والخوانق والزوايا رغيفين رغيفين ، وكان إذ ذاك كثير من الناس يأكل خبز الشعير وخبز الجمص والقول ، ومنهم من كان لا يجد الخبز أصلا عشرة أيام وأكثر ، حتى الأغنياء منهم ومعهم المال يدورون فى المدينة وسواحل البحر ، ولأيجدون شيئا ، فإن وجدوا وجدوا بعض شىء بمشقة . وقد وقع للملك الظاهر قبله أنه وقع فى أيامه غلاء ، ففرق فى كل يوم عشرين ألف رغيف على فقراء مصر والقاهرة ، وذلك في سنة تمان وتسعين وسبعمائة ، ولكن أين هذا من ذاك فإن القمح بيع في أيام الظاهر في ذلك الغلاء كل أردبر بمائة وستين درهما ، وفى أيام مولانا المؤيد حين كان يفرق الخبز بلغ الإردب مطحونا إلى ألف كما ذكرنا ، والفرق بين القصتين مثل ما بين الثريا والثرى ، ومع هذا كانت شون الملك الظاهر مملوءة بالقمح وغيره ، وكذلك شون الأمراء والأغيان ، ولم يكن فى شونة مولانا الملك المؤيد قدح من القمح ، ولا فى شون الأمراء إلا نزر يسير ، حتى إن مولانا السلطان المؤيد أرسل مع زين الدين مرجان عشرة آلاف
دينار إلى الوجه القبل ، ليشترى ما قمحا لأجل مصالح المسلمين فحصل لهم بذلك خير كثير ورفق عظيم ومن جملة محاسن مولانا السلطان وإحسانه إلى أهل العلم ، أنه لما قدم الشيخ شمس الدين الهروى من القدس الشريف إلى القاهرة تلقاه بالقبول والتعظيم ، ثم أنزله فى بيت عظيم ، ورتب له كل يوم مائتى درهم ، وثلاثين رطلا من اللحم - الضان ، وأنعم عليه ببدلتين من القماش المختلف ما بين صوف وسنجاب وأبيض وغير ذلك ، وأركبه فرسا خاصا بسرج مغرق كامل العدة وهذا شىء لم يفعله أحد من ملوك الترك قبله .
ومن ذلك أنه أنعم على شخص من أهل العلم قدم من البلاد يدعى قطب الدين بمائة دينار بعد أن اجتمع به مرة أو مرتين ومن ذلك أنه لما قدم القاضى علاء الدين بن المغلىي الحنبلي الحموى تلقاه بالقبول ، وأحسن إليه غاية الإحسان ، ورتب له مرتبات ، ثم ولاة فضاء القضاة الحنابلة بالديار المصرية يوم الإثنين الثابنى عشر من صفر من سنة تمالى عشرة وثمانمائة
ومن ذلك أنه لما قدم الشيخ تفى الدين ابن الحبني الحموى الحنفي أنعم عليه إنعاما عظيما ، وقرره قاضى العساكر ، ومفتى دار العدل ، وكل ذلك لتعظيم العلم وأهله ومن ذلك أنه لما شغر منضب قاضى القضاة الحنفية بالديار المصرية بموت ناصر الدين ابن العديم ، وسعى بعض الناس بالذقب الجزيل لم يلتفت مولانا السلطان إلى ذلك جفظا لحرمة الشرع ، وأرسل إلى الشيخ شمس الدين ابن الديرى الحنفى المفى بالقدس الشريف ، فلما قدم تلقاه بالقبول ، ثم ولاه قضاء قضاة الحنفية يوم الإثنين السابع عشر من جمادى الأولى من سنة تسع عشرة وثمانمائة ومن جملة تعظيمه للعل وأهله ومحبته لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، أنه صرف جملة من الذهب والفضة لقراء البخارى وسامعيه فى القصر السلطاني ، ولم يصرف من الملوك قبله مثل، ذلك ، وكذلك صرف لقراء الطحاوى مائة وخمسين دينار
مصارفتها أربعون ألقا فلوسا جددا ، وكان الناصر قبله يصرف أربعة آلاف فلوسا ، فلننظر الفرق بين العطاءين ، وكان ذلك في كل سنة فى شهر رمضان .
ومن ذلك أن الشيخ محبى الدين يحيى ابن الشيخ سيف الدين السيرامى شيخ الظاهرية الجديدة كان قد ضاقت به الأحوال ، واشتدت به الفاقة إلى أن أراد أن ينتقل من الديار المصرية ، وبلغ السلطان ذلك فمنعه من ذلك ، وأحسن إليه غاية الإحسان ، ورتب له من الجوالى شيئا يبلغ مائة درهم زيادة على مابيده من الوظائف ، وذلك كله لمحبة العلم وأهله .
ومن ذلك أنه أحسن إلى الشيخ شرف الدين ابن الشيخ جلال الدين التباني غاية الإحسان ، وأنعم عليه بوظائف منها النظر على الكسوة ، ووكالة بيت المال ، مشيخة
نامعلوم صفحہ