قال السائل: وكذلك قوم في بلاد الإسلام من المسلمين، يدعون بأنهم من رعية النصارى، ويرضون بذلك، ويفرحون به، فما تقولون في إيمانهم، ومن الجملة أنهم يتخذون لسفنهم بيارق ، وهي تسمى الرايات، مثل رايات النصارى، إعلاما منهم بأنهم من رعيتهم.
جواب السؤال الثاني:
الجواب والله سبحانه وتعالى المسؤول أن يحفظ علينا دين الإسلام، أن هؤلاء قوم قد أشربوا حب النصارى في قلوبهم، واستحضروا عظمة ملكهم، وصولتهم، ولاحظوا توفر الدنيا بأيديهم، التي هي حظهم من الدنيا والآخرة، وقصروا نظرهم إلى عمارة الدنيا، وجمعها، وأن النصارى أقوم لحفظها، ورعايتها، فإن كان القوم المذكورون جهالا يعتقدون رفعة دين الإسلام، وعلوه على جميع الأديان وأن أحكامه أقوم الأحكام، وليس في قلوبهم مع ذلك تعظيم الكفر، وأربابه، فهم باقون على أحكام الإسلام، لكنهم فساق مرتكبون لخطب كبير يجب تعزيرهم عليه وتأديبهم وتنكيلهم .. وإن كانوا علماء بأحكام الإسلام، ومع ذلك صدر عنهم ما ذكر، فيستتابوا، فإن رجعوا عن ذلك وتابوا إلى الله تعالى، وإلا فهم مارقون، فإن اعتقدوا تعظيم الكفر ارتدوا، وجرى عليهم أحكام المرتدين .. وظاهر الآيات والأحاديث عدم إيمان المذكورين، قال تعالى : {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجهم من النور إلى الظلمات} [البقرة: 257]، فالآية تقتضي أن الناس قسمان: الذين آمنوا وليهم الله تعالى، أي لا غيره فليس لهم مولى دون الله، ورسوله . الله مولانا ولا مولى لكم، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت، فلا واسطة، فمن اتخذ الطاغوت وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا، وارتكب خطأ جسيما، فليس إلا ولي الله أو ولي الطاغوت، فلا شركة بوجه من الوجوه البتة، كما تقتضيه الآية.. وقال تعالى : {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} [النساء:65] .
صفحہ 8