وأما من يهين السلطان فيكفيه واعظا وزاجرا حديث: "إنما السلطان ظل الله ورمحه في الأرض " (أخرجه البيهقي عن أنس)، وحديث "السلطان ظل الله في أرضه فمن أكرمه أكرمه الله ومن أهانه أهانه الله " (أخرجه الطبراني والبيهقي عن أبي بكرة)، وحديث "السلطان ظل الله في الأرض، يأوى إليه كل مظلوم من عباده، فإن عدل كان له الأجر وعلى الرعية الشكر، وإن جار أو حاف كان عليه الوزر وعلى الرعية الصبر" (أخرجه الحكيم والبزار عن ابن عمر)، وحديث: "السلطان ظل الله في الأرض، يأوى إليه الضعيف، وبه ينتصر المظلوم، ومن أكرم سلطان الله في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة" (أخرجه البخاري عن أبي هريرة) ، إلى غير ذلك من الأحاديث والآثار الكثيرة في فضائل السلطان ومحبته والنهي عن الوقيعة فيه، وقد أفردت لذلك تآليف، فمن أهان السلطان ورفع قدر الكفر وأربابه، أهانه الله {ومن يهن الله فما له من مكرم} [الحج: 18]، فإن أهان السلطان من حيث رعاية الإسلام، ومدح النصارى من حيث رعاية الكفر، كفر، وصار مرتدا، وإن مدح من حيث الرعاية الدنيوية وضبطها وحماية الرعية عن المظالم وبذل الأموال من حيث إقامة الناموس الدنيوي وعزة الرعوي، فنسب السلطان إلى القصور والنصارى إلى القيام بذلك كان المادح المذكور ممن غلب عليه حب العاجلة على الآجلة، وأشرب قلبه حب الحطام، وبعد مرماه عن مراعاة سمة الإسلام، فهو بدنياه مغرور، وبحب العاجلة مفتون {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب} [الشورى :20] ، فالمغرور المذكور ما درى من جهله، وغباوته، وبلادته، وحماقته، أن حفظ الدنيا الذي حصل برعاية النصارى فوت عليه أضعافا مضاعفة من دينه، بل ربما جره إلى انطماس الدين بالكلية، فإنه لمخالطة الكفار المذكورين عميت عليه معاملاتهم وغوايتهم الضلالية فارتكب الربا، ورأى الخمر، والخنزير، وسمع ثالث ثلاثة، وتكاسل عن الصلوات بحكم الوفاق، ورأى الزنا، وسمع الخنا، واستمر على ذلك حتى صار له مألوفا لا يستنكره البتة ، وربما مع طول التمادي اعتقد حله لغلبة الجهل، فقد حرم دينه من حيث حصل دنياه، فالدنيا والآخرة ضرتان، والسلطان ظل الله في أرضه، فعلى كل حال هو مشكور، ومتروك، والله سبحانه يؤيد به الدين، ولو كان فاجرا ففجوره على نفسه، وأما سلطان الوقت فهو بحمد الله، غيظ الكفار، نصره الملك الجبار، آمين .
وفي الروضة النووية في باب الردة ما لفظه: ( ولو قال معلم الصبيان، اليهود خير من المسلمين بكثير، لأنهم يقضون حقوق معلمي صبيانهم كفر ) .. انتهى.
السؤال الرابع:
قال السائل: وما قولكم فيمن حمل بضاعة، أو طعاما إلى بلاد النصارى، واعترض عليه مسلم، أو نهاه، ولم ينته.. إن قتله، أو نهب ماله، هل دمه مهدر، وماله حلال، أم لا؟ ونية القاتل خراب ديار الكفار، ونية المقتول إحياؤها، بما يؤدي إليها، وما حكم هذا المعتدي إذا قتل، أشهيد أم لا ؟! وما حكم من يعينهم على ذلك من المسلمين.
جواب السؤال الرابع:
الجواب: لا تخلو بلد النصارى إما أن تكون أصلية بأيديهم كأرض الشام والعراق التي كانت بأيدي الكفار في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا خفاء في جواز حمل البضائع من الأطعمة وغيرها إليها، وجواز التجارة في بلدانهم وجواز معاملاتهم لأن ذلك من ضروريات المعاش، والحاجة تدعو إليه، فجوزه الشارع للحاجة، فقد كانت الصحابة رضي الله عنهم يدخلون أرض الشرك للمعاملة، وقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم مضاربا لخديجة رضي الله عنها، فمثل ذلك لا ينكر على فاعله، ولا يعترض عليه البتة ، ومن لقيه في الطريق فهو محارب قاطع طريق، تجري عليه أحكام الطريق، والمقتول إن كان هو القاطع فهدر، إن دفع بالأخف فالأخف، وإن كان سالك السبيل، فهو مظلوم، شهيد شهادة صغرى لحديث "من قتل دون ماله فهو شهيد" .
صفحہ 13