صيد الخاطر
صيد الخاطر
ناشر
دار القلم
ایڈیشن نمبر
الأولى
پبلشر کا مقام
دمشق
رأيناك على باب اللجأ، فالحق ﷿ علم من الخلق اشتغالهم بالبر عنه، فلذعهم في خلال النعم بعوارض تدفعهم إلى بابه، يستغيثون به، فهذا من النعم في طَيِّ البلاء، وإنما البلاء المحض ما يشغلك عنه، فأما ما يقيمك بين يديه، ففيه جمالك.
وقد حكي عن يَحْيَى البَكَّاءِ١ أنه رأى ربه ﷿ في المنام، فقال: يا رب! كم أدعوك ولا تجيبني؟ فقال: يحيى! إني أحب أن أسمع صوتك.
وإذا تدبرت هذه الأشياء، تشاغلت بما هو أنفع لك من حصول ما فاتك، من رفع خلل، أو اعتذار من زلل، أو وقوف على الباب إلى رب الأرباب.
١ يحيى بن مسلم، شيخ بصري، من موالي الأزد، تابعي، حدث عن ابن عمر ﵄، توفي سنة "١٣٠ هـ".
٣٩- فصل: من نزلت به بلية
٢٠٨- من نزلت به بلية، فأراد تمحيقها١، فليتصورها أكبر مما هي تهن، وليتخايل ثوابها، وليتوهم نزول أعظم منها، ير الربح في الاقتصار عليها.
ولتلمح سرعة زوالها، فإنه لولا كرب الشدة، ما رجيت ساعات الراحة، وليعلم أن مدة مقامها عنده كمدة مقام الضيف، فيتفقد حوائجه في كل لحظة، فيا سرعة انقضاء مقامه! ويا لذة مدائحه وبشره في المحافل، ووصف المضيف بالكرم!
٢٠٩- فكذلك "المؤمن في" الشدة، ينبغي أن يراعي الساعات، ويتفقد فيها أحوال النفس، ويتلمح الجوارح، مخافة أن تبدو من اللسان كلمة، أو من القلب تسخط، فكأن قد لاح فجر الأجر، فانجاب٢ ليل البلاء، ومدح الساري بقطع الدجى، فما طلعت شمس الجزاء، إلا وقد وصل إلى منزل السلامة.
١ تمحيقها: تصغيرها وإزالتها. ٢ انجاب: انكشف وزال.
٤٠- فصل: فضل العلم وفوائده
٢١٠- لما رأيت رأي نفسي في العلم حسنًا، فهي تقدمه على كل شيء،
1 / 84