صوت الأعماق: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
صوت الأعماق: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
اصناف
paradoxical : يقتضي القانون الثاني للديناميكا الحرارية أن مآل الأحداث الفيزيائية (أي الأنظمة المغلقة) موجه إلى زيادة الإنتروبي وطمس الفروق وحالات الاضطراب القصوى. أما في الأنظمة المفتوحة فبالإمكان جلب «الإنتروبي السالب» مع انتقال المادة. ومن ثم تستطيع هذه الأنظمة أن تحفظ نفسها في الظروف الحرجة وتبقى على مستوى عال من التنظيم والتعقيد، بل إن بإمكانها أن تتقدم نحو مزيد من التنسيق والتمايز، كما هو الحال في عملية النمو والتطور.
تختص كل من نظرية الأنظمة والسيبرنطيقا بقطاعات معينة من الظواهر، وفي بعض الحالات يجوز استخدام أي منهما ويتبين وجود تكافؤ في وصف الظاهرة بين لغة السيبرنطيقا (دوائر التغذية الراجعة) ولغة نظرية الأنظمة (التفاعلات المتبادلة في نظام متعدد المتغيرات). ولنلحظ أنه ما من نموذج واحد يمكن أن يحتكر وصف الواقع. وجهد كل نظرية هو أن تستنطق جوانب محددة من الواقع بدرجة أو بأخرى من النجاح. (1-9) الكائن العضوي والشخصية
على خلاف القوى الفيزيائية كالجاذبية والكهربية التي توجد في كل شيء، فإن ظاهرة الحياة لا توجد إلا في كيانات مفردة تسمى «المتعضيات» (الكائنات العضوية)
organisms . وكل متعض هو نظام
system ، أي نسق دينامي من الأجزاء والعمليات التي هي في تفاعل متبادل. وبالمثل لا توجد الظواهر النفسية إلا في كيانات مفردة تسمى في حالة الإنسان «الشخصيات». وأيا ما تكون المواصفات الأخرى للشخصية فإن لها دائما خصائص «النظام»
system .
هذا التصور الشمولي للكائن النفسجسمي بوصفه نظاما، لا شك يقف على النقيض من تصوره كمجرد حاصل جمع وحدات جزئية من قبيل المنعكسات والإحساسات ومراكز المخ والدوافع والاستجابات المدعمة وما إلى ذلك. ويظهرنا علم النفس المرضي بوضوح على أن الاختلال النفسي هو اضطراب نظام وليس فقدان وظائف مفردة. وحتى في حالات الإصابات الموضعية (مثل أعطاب اللحاء المخي) فإن الأثر الناتج هو قصور في الأداء الكلي للنظام، وبخاصة في الوظائف العليا لأن متطلباتها أكثر من غيرها. على أن للنظام من جهة أخرى قدرات تنظيمية لا يستهان بها.
14
الكائن الفاعل/النشاط هو الأصل
ليس المتعضي بالكائن السلبي المنفعل المستجيب، بل هو نظام فاعل نشط حتى في غياب المنبهات الخارجية. تنطوي نظرية المنعكسات على افتراض مسبق مفاده أن العنصر الأولي للسلوك هو الاستجابة لمثيرات خارجية. غير أن الدراسات الحديثة تظهرنا بوضوح متزايد على أن النشاط التلقائي للجهاز العصبي، ذلك النشاط القابع في النظام نفسه، هو العنصر الأولي.
نامعلوم صفحہ