صوت الأعماق: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
صوت الأعماق: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
اصناف
صحيح أنه ليس بوسعنا أن ننسلخ عن أفكارنا لكي نقارنها بالواقع، وصحيح أن تلك الكيانات التي نتعامل معها هي كيانات «مشيدة»
construction
بقدر ما هي مكتشفة. وصحيح أن «الموضوعية» هي «موضوعية بالنسبة لنا»، وأن فكرة «المشاهد الميتافيزيقي» الخالص هي وهم لا وجود له. غير أن تصوراتنا عن الاتساق والقبول العقلي هي أمر وثيق الصلة بسيكولوجيتنا، وبالتالي ببنيتنا البيولوجية المشتركة، وإن تأثرت بثقافتنا واهتماماتنا الخاصة وقيمنا. إننا نشارك، حتى أعجب الثقافات وأغربها، عددا ضخما من الافتراضات والاعتقادات عما هو متسق وعما هو معقول. هذه هي النقطة الفاصلة التي ينبغي ألا تغيب عنا ونحن نوغل في مناقشة النسبية؛ لأنها تذكرنا بأهمية مفهوم «الطبيعة البشرية»
human nature
المشتركة، أيا ما كان رأينا عن هذه الطبيعة وقولنا فيها. (7) من النسبية إلى الفوضوية: (فييرابند - رورتي)
ثمة نفر من المفكرين أوغلوا في النسبية حتى مزالق «الفوضوية»
anarchism . ومن الأهمية بمكان أن نبين تهافت مثل هذا التمادي المفرط؛ لأنه يؤذي الصيغ المقبولة من النسبية ويسيء إلى صورتها، وسنعرض هنا لمثالين شهيرين في الفلسفة المعاصرة لهذا التطرف النسبي: بول فييرابند وريتشارد رورتي.
تتسم كتابات هذين المفكرين الكبيرين بتورط في الفوضوية يقوم على خلط بين الخطاب العلمي والخطاب الثقافي، وهو نمط من الاستدلال المغالط يمكن أن نسميه «مغالطة التشابه العائلي أو الأسري»
family-resemblance fallacy . والتشابه الأسري مصطلح جديد أدخله لودفيج فتجنشتين، ومفاده أن الأشياء التي يشير إليها حد (مصطلح) من الحدود قد ترتبط معا لا بخاصية مشتركة واحدة بل بل بشبكة من التشابهات العديدة والمتداخلة جزئيا بعضها مع بعض، كشأن الأشخاص الذين تشترك وجوههم في ملامح مميزة لأسرة معينة. وقد أوضح فتجنشتين أن كثيرا من المصطلحات الشائعة تستخدم بطرائق مختلفة اختلافا دقيقا، وليس ثمة ماهية مشتركة بين جميع الكيانات والأنماط والعمليات التي تشكل النطاق الكامل لاستخدام المصطلح، فلفظة
rule
نامعلوم صفحہ