صوت الأعماق: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
صوت الأعماق: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
اصناف
self-refuting ، أي أنها لو صحت لاستحالت! لو صح أن ليس ثمة نظائر للمعنى أو الإشارة الواحدة بين اللغات أو الثقافات المختلفة لاستحالت ترجمة اللغات الأخرى إلى لغتنا، وترجمة المراحل السابقة للغتنا ذاتها إلى لغتنا الحالية. لو صحت «اللامقايسة» لوجب أن تظل أعضاء الثقافات الأخرى بالنسبة لنا كحيوانات تصدر «استجابات»
responses
إزاء «مثيرات»
stimuli (متضمنة ضوضاء اتفق لها أن تكون هي الإيطالية أو الإنجليزية أو الإسبانية). إننا لا نملك أن نقول بأن تصوراتنا تختلف، وفي أي شيء تختلف، ما لم نتمكن من أن نترجمها. لو استحالت الترجمة لاستحال أن نعرف ما إذا كنا متفقين واستحال أن نعرف حتى ما إذا كنا مختلفين. «اللامقايسة» إذن تفضي بنا منطقيا إلى استحالة «اللامقايسة»!
ويتناول دفيدسون بالنقد فكرة توماس كون عن أهمية مبدأ اللامقايسة ومتضمناته. يرى دفيدسون أن الحديث عن علماء مختلفين يعيشون ويعملون في «عوالم مختلفة» لا يعدو أن يكون استخداما «استعاريا»
metaphorical
للألفاظ، ويقدم دفيدسون نقدا مستفيضا للنسبية التصورية التي تتبطن دعاوى مثل دعوى «اللامقايسة». ثمة صلة وثيقة عند النسبيين بين المخطط التصوري واللغة التي يتم بها التعبير عن هذا المخطط، ويذهب هؤلاء إلى أن الواقع مرتبط بمخطط تصوري (هو نسق «المقولات»
categories
التي تنظم الخبرة/التجربة). ومن غير الممكن أن تكون المخططات المختلفة نظائر حقيقية بالنسبة لأولئك الذين ينتمون إلى كل مخطط معين. وقد أشار دفيدسون، وهو بمعرض فحصه لدعاوى بنيامين ورف، إلى أن ورف كلما حاول تبيان أن لغة «الهوبي» واللغة الإنجليزية لا تمكن مقارنتهما لاختلاف النسق الميتافيزيقي القابع في كل منهما، كان يستخدم الإنجليزية ليشرح مضمون العبارات «الهوبية».
يذهب بنيامين ورف إلى أن اللغة تفرز تنظيما معينا للخبرة، إذ تصنف تيار الخبرة الحسية فتسلك الأشياء في نسق معين وتضفي على العالم نظاما معينا. بهذا المعنى يتضح بجلاء وجود فرق أساسي بين اللغة الإنجليزية ولغة «الهوبي». يقول ورف إن لغة الهوبي مزودة بأدوات لتناول الظواهر التي لا يمكن لمصطلحاتنا العلمية أن تعبر عنها كما يجب؛ وذلك ببساطة لأن الهوبي تخلق مقارنة بين ضروب من الخبرة مختلفة عن تلك التي تستطيع لغتنا العلمية تمييزها.
نامعلوم صفحہ