صون المنطق والكلام
صون المنطق والكلام عن فني المنطق والكلام (مطبوع معه: جهد القريحة في تجريد النصيحة)
ناشر
مجمع البحوث الإسلامية
اصناف
سائر الأهواء من هذه الأمة ولولا النظر والاعتبار ما عرف الحق من الباطل، والحسن من القبيح.
وبهذا العلم: انزاحت الشبهة من قلوب أهل الزيغ وثبت قدم اليقين للموحدين. وإذا منعتم أدلة العقول فما الذي تعتقدون في صحة أصول دينكم. ومن أي طريق تتوصلون إلى معرفة حقائقها. وقد علم الكل أن الكتاب لم يعلم حقه والنبي ﷺ لم يثبت صدقة إلا بأدلة العقول وقد نفيتم ذلك. وإذا ذهب الدليل لم يبق المدلول أيضًا. وفي هذا الكلام هدم الدين ورفعه ونقضه، فلا يجوز الاشتغال بمسائله.
الجواب: والله الموفق للصواب، أنا قد دللنا فيما سبق بالكتاب الناطق من الله ﷿، ومن قول النبي ﷺ، ومن أقوال الصحابة ﵃ أنا أمرنا بالأتباع، وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع وزجرنا عنه. وشعار أهل السنة إتباعهم للسلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث.
وقد روينا عن سلفهم: أنهم نهوا عن هذا النوع من العلم، وهو علم الكلام، وزجروا عنه، وعدوا ذلك ذريعة للبدع والأهواء. وحمل بعضهم قوله ﷺ: "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع" على هذا، وقوله ﷺ: إن من العلم لجهلًا.
فأما قولهم: إن السلف من الصحابة والتابعين لم ينقل عنهم أنهم اشتغلوا بالاجتهاد في الفروع. فالجواب من وجهين: أحدهما أنه لم ينقل عنهم النهي عن ذلك والزجر عنه، بل من تدبر اختلاف الصحابة ﵃ في المسائل، واحتجاجهم في ذلك، عرف أنهم كانوا يرون القياس والاجتهاد في الفروع.
1 / 210