============================================================
عمار البدليسي فالمراقبة للقلب كالعزلة للجسد. والجمعية للقلب كالصمت للسان عن قول الزور. فكما أن قول الزور يفطر البدن عن صومه، كذلك التفرقة 3 يفطر القلب عن صيامه. وكما أن المخالطة مع الناس تفسد العزلة، كذلك ترك التفقد وعدم التذكر يفسد المراقبة. إذ ليس ضد المراقبة إلا التغافل عن القلب، والتشاغل عن الخواطر. وإنما صوم الأحوال محافظة (1) القلب عن ذكر ما يفسد الصوم، كمحافظة الجوارح عن فعل ما يفسد الصوم(2).
معصية القلوب : ومعصية القلوب هو ذكر المعصية، خصوصا إذا كان قصدا واهتماما: 9 كما ذكر الله، جل وعز، في حق يوسف، عليه الصلاة والسلام، في قوله: (ولقذ همت به وهم بها (القرآن الكريم 24/12)، ذكر ذلك في معرض التوبيخ بقوله: لؤلا أن رأى بزهان ربه} (القرآن الكريم 24/12). وكان 12 ذلك في حقه من الذنوب القلبية، وذلك لعلو شأنه معما(3) أن الشرع قد عفا عن حديث النفس، ما لم يعمل أو يتكلم به. إلا أن الأكابر لا يسامحون بالخطرات، كما لا يسامح الأصاغر بالحركات. وأيضا، فإن القلب بذكر 15 المعصية يتوسخ، كما بذكر الطاعة يتنور. فمؤاخذات أهل القلوب على معاصي القلب، لا على معاصى الجوارح، لأنهم عن ذلك في حفظ. وإنما اجتهادهم مكابدتهم في تصويم القلب عن معاصيه واثامه، ليكونوا من حيث 18 القلوب محفوظين، (15 2) كما من حيث الجوارح. إذ كما له طاعات وعبادات ومعاملات شريفة خفية، كذلك له ذتوب وسيئات دقيقة خفية.
صفحہ 36