بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
(رب يسر يَا كريم)
الْحَمد لله الَّذِي اخْتصَّ نبيه مُحَمَّدًا ﷺ بأصحاب كَالنُّجُومِ، وَأوجب على الكافة تعظيمهم واعتقاد حقية مَا كَانُوا عَلَيْهِ لما منحوه من حقائق المعارف والعلوم.
وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، شَهَادَة أندرج بهَا فِي سلكهم المنظوم، وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي حباه بسره المكتوم، صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه صَلَاة وَسلَامًا دائمين بدوام الْحَيّ القيوم.
أما بعد؛ فَإِنِّي سُئِلت قَدِيما فِي تأليف كتاب يبين حقية خلَافَة الصّديق، وإمارة ابْن الْخطاب ﵄، فأجبت إِلَى ذَلِك مسارعة فِي خدمَة هَذَا الجناب، فجَاء بِحَمْد الله أنموذجا لطيفا، ومنهاجا شريفا، ومسلكا منيفا، ثمَّ سُئِلت قَدِيما فِي إقرائه فِي رَمَضَان سنة خمسين وَتِسْعمِائَة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام؛ لِكَثْرَة الشِّيعَة والرافضة وَنَحْوهمَا الْآن بِمَكَّة المشرفة، أشرف بِلَاد الْإِسْلَام، فأجبت إِلَى ذَلِك، رَجَاء لهداية بعض من زل بِهِ قدمه عَن أوضح المسالك، ثمَّ سنح لي أَن
1 / 5
أَزِيد عَلَيْهِ أَضْعَاف مَا فِيهِ، وَأبين حقية خلَافَة الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وفضائلهم، وَمَا يتبع ذَلِك مِمَّا يَلِيق بقوادمه وخوافيه، فجَاء كتابا فِي فنه حافلا، ومطلبا فِي حلل الرصانة وَالتَّحْقِيق رافلا، ومهندا قاصما لحجج المبطلين وأعناق شرار المبتدعين الضَّالّين؛ لما اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْبَرَاهِين الْعَقْلِيَّة والأدلة الْوَاضِحَة المنقحة النقلية، الَّتِي يَعْقِلهَا الْعَالمُونَ، وَلَا ينكرها إِلَّا الَّذين هم بآيَات الله يجحدون، نَعُوذ بِاللَّه من أَحْوَالهم، ونسأله السَّلامَة من قبائح أَقْوَالهم وأفعالهم، إِنَّه الْجواد الْكَرِيم الرؤوف الرَّحِيم.
ورتبته على مُقَدمَات ثَلَاث، وَعشرَة أَبْوَاب، وخاتمة.
1 / 6
الصَّوَاعِق المحرقة
١ -
١ -
1 / 1
فالمقدمات
الْمُقدمَة الأولى
اعْلَم أَن الْحَامِل الدَّاعِي لي على التَّأْلِيف فِي ذَلِك وَإِن كنت قاصرا عَن حقائق مَا هُنَالك مَا أخرجه الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي الْجَامِع وَغَيره أَنه ﷺ قَالَ (إِذا ظَهرت الْفِتَن أَو قَالَ الْبدع وسبت أَصْحَابِي فليظهر الْعَالم علمه فَمن لم يفعل ذَلِك فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يقبل الله مِنْهُ صرفا وَلَا عدلا)
وَمَا أخرجه الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَن النَّبِي ﷺ
1 / 7
قَالَ (مَا ظهر أهل بِدعَة إِلَّا أظهر الله فيهم حجَّته على لِسَان من شَاءَ من خلقه)
وَأخرج أَبُو نعيم أهل الْبدع شَرّ الْخلق والخليقة قيل هما مُتَرَادِفَانِ وَقيل المُرَاد بِالْأولِ الْبَهَائِم وَبِالثَّانِي النَّاس
وَأخرج أَبُو حَاتِم الْخُزَاعِيّ فِي جزئه أَصْحَاب الْبدع كلاب النَّار
والرافعي عمل قَلِيل فِي سنة خير من عمل كثير فِي بِدعَة
1 / 8
وَالطَّبَرَانِيّ من وقر صَاحب بِدعَة فقد أعَان على هدم الْإِسْلَام
وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة أَبى الله أَن يقبل عمل صَاحب بِدعَة حَتَّى يدع بدعته
والخطيب والديلمي إِذا مَاتَ صَاحب بِدعَة فقد فتح فِي الْإِسْلَام فتح
1 / 9
وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ والضياء إِن الله احتجز التَّوْبَة عَن كل صَاحب بِدعَة
وَالطَّبَرَانِيّ إِن الْإِسْلَام يشيع ثمَّ يكون لَهُ فَتْرَة فَمن كَانَت فترته إِلَى غلو وبدعة فَأُولَئِك أهل النَّار
وَالْبَيْهَقِيّ لَا يقبل الله لصَاحب بِدعَة صَلَاة وَلَا صوما وَلَا صَدَقَة وَلَا حجا وَلَا عمْرَة وَلَا جهادا وَلَا صرفا وَلَا عدلا يخرج من الْإِسْلَام كَمَا تخرج الشعرة من الْعَجِين وسيتلى عَلَيْك مَا تعلم مِنْهُ علما قَطْعِيا أَن الرافضة والشيعة وَنَحْوهمَا من
1 / 10
أكَابِر أهل الْبِدْعَة فيتناولهم هَذَا الْوَعيد الَّذِي فِي هَذِه الْأَحَادِيث على أَنه ورد فيهم أَحَادِيث بخصوصهم
وَأخرج الْمحَامِلِي وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن عويم بن سَاعِدَة أَنه ﷺ قَالَ (إِن الله اختارني وَاخْتَارَ لي أصحابا فَجعل لي مِنْهُم وزراء وأنصارا وأصهارا فَمن سبهم فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يقبل الله مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة صرفا وَلَا عدلا)
والخطيب عَن أنس إِن الله اختارني وَاخْتَارَ لي أصحابا وَاخْتَارَ لي مِنْهُم أصهارا وأنصارا فَمن حفظني فيهم حفظه الله وَمن آذَانِي فيهم آذاه الله
وَأخرج الْعقيلِيّ فِي الضُّعَفَاء عَن أنس إِن الله اختارني وَاخْتَارَ لي أصحابا وأصهارا وَسَيَأْتِي قوم يسبونهم ويتنقصونهم فَلَا تُجَالِسُوهُمْ وَلَا
1 / 11
تشاربوهم وَلَا تؤاكلوهم وَلَا تناكحوهم
وَأخرج الْبَغَوِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة وَابْن عَسَاكِر عَن عِيَاض الْأنْصَارِيّ احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي وأصهاري وأنصاري فَمن حفظني فيهم حفظه الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمن لم يحفظني فيهم تخلى الله مِنْهُ وَمن تخلى الله مِنْهُ يُوشك أَن يَأْخُذهُ
وَأخرج أَبُو ذَر الْهَرَوِيّ نَحوه عَن جَابر وَالْحسن بن عَليّ وَابْن عمر ﵄
وَأخرج هُوَ والذهبي عَن ابْن عَبَّاس ﵃ مَرْفُوعا يكون فِي آخر الزَّمَان قوم يسمون الرافضة يرفضون الْإِسْلَام فاقتلوهم فَإِنَّهُم
1 / 12
مشركون وَأخرج أَيْضا عَن إِبْرَاهِيم بن حسن بن حسي بن عَليّ عَن أَبِيه عَن جده ﵃ قَالَ قَالَ عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه قَالَ رَسُول الله ﷺ (يظْهر فِي أمتِي فِي آخر الزَّمَان قوم يسمون الرافضة يرفضون الْإِسْلَام)
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ عَن النَّبِي ﷺ قَالَ (سَيَأْتِي من بعدِي قوم لَهُم نبز يُقَال لَهُم الرافضة فَإِن أدركتهم فاقتلهم فَإِنَّهُم مشركون) قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا الْعَلامَة فيهم قَالَ يقرظونك بِمَا لَيْسَ فِيك ويطعنون على السّلف
وَأخرجه عَنهُ من طَرِيق أُخْرَى نَحوه وَكَذَلِكَ من طَرِيق أُخْرَى وَزَاد عَنهُ
1 / 13
ينتحلون حبنا أهل الْبَيْت وَلَيْسوا كَذَلِك وَآيَة ذَلِك أَنهم يسبون أَبَا بكر وَعمر ﵄
وَأخرج أَيْضا من طرق عَن فَاطِمَة الزهراء وَعَن أم سَلمَة ﵄ نَحوه قَالَ وَلِهَذَا الحَدِيث عندنَا طرق كَثِيرَة
وروى الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس من سبّ أَصْحَابِي فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ وَعَن عَليّ ﵁ من سبّ الْأَنْبِيَاء قتل وَمن سبّ أَصْحَابِي جلد
والديلمي عَن أنس إِذا أَرَادَ الله بِرَجُل من أمتِي خيرا ألْقى حب أَصْحَابِي فِي قلبه
وَالتِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن مُغفل الله الله فِي أَصْحَابِي لَا تتخذوهم غَرضا بعدِي فَمن احبهم فبحبي أحبهم وَمن أبْغضهُم فببغضي أبْغضهُم وَمن آذاهم
1 / 14
فقد أذاني وَمن آذَانِي فقد آذَى الله وَمن آذَى الله يُوشك أَن يَأْخُذهُ
والخطيب عَن ابْن عمر إِذا رَأَيْتُمْ الَّذين يسبون أَصْحَابِي فَقولُوا لعنة الله على شركم
وَابْن عدي عَن عَائِشَة إِن شرار أمتِي أجرؤهم على أَصْحَابِي
وَابْن مَاجَه عَن عمر احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ٠٠٠ الحَدِيث
والشيرازي فِي الألقاب عَن أبي سعيد احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي فَمن حفظني فيهم كَانَ عَلَيْهِ من الله حَافظ وَمن لم يحفظني فيهم تخلى الله مِنْهُ وَمن تخلى الله مِنْهُ يُوشك أَن يَأْخُذهُ
والخطيب عَن جَابر وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد عَن أبي هُرَيْرَة إِن النَّاس
1 / 15
يكثرون وأصحابي يقلون فَلَا تسبوا أَصْحَابِي فَمن سبهم فَعَلَيهِ لعنة الله
روى الْحَاكِم عَن أبي سعيد أما إِنَّه لَا يدْرك قوم بعدكم صاعكم وَلَا مدكم
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن مُرْسلا مَا شَأْنكُمْ وشأن أَصْحَابِي ذَروا لي أَصْحَابِي فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أنْفق أحدكُم مثل أحد ذَهَبا مَا أدْرك مثل عمل أحدهم يَوْمًا وَاحِدًا
وَأحمد والشيخان وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد وَمُسلم وَابْن مَاجَه عَن أبي هُرَيْرَة لَا تسبوا أَصْحَابِي فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن أحدكُم أنْفق مثل أحد ذَهَبا مَا بلغ مد أحدهم وَلَا نصيفه
وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن ابْن مَسْعُود لَا يبلغنِي أحد عَن أَصْحَابِي
1 / 16
شَيْئا فَإِنِّي أحب أَن أخرج إِلَيْكُم وَأَنا سليم الصَّدْر
وَأحمد عَن أنس دعوا لي أَصْحَابِي فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أنفقتم مثل أحد ذَهَبا مَا بَلغْتُمْ أَعْمَالهم
وَالدَّارَقُطْنِيّ من حفظني فِي أَصْحَابِي ورد عَليّ الْحَوْض وَمن لم يحفظني فِي أَصْحَابِي لم يرد عَليّ الْحَوْض وَلم يرني
وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن عبد الله بن بسر طُوبَى لمن رَآنِي وآمن بِي طُوبَى لمن رأى من رَآنِي وَلمن رأى من رأى من رَآنِي وآمن بِي طُوبَى لَهُم وَحسن مآب وَعبد بن حميد عَن أبي سعيد وَابْن عَسَاكِر عَن وَاثِلَة طُوبَى لمن
1 / 17
رَآنِي وَلمن رأى من رأى من رَآنِي
وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر لعن الله من سبّ أَصْحَابِي
وَالتِّرْمِذِيّ والضياء عَن بُرَيْدَة مَا من أحد من أَصْحَابِي يَمُوت بِأَرْض إِلَّا بعث قائدا ونورا لَهُم يَوْم الْقِيَامَة
وَأَبُو يعلى عَن أنس مثل أَصْحَابِي فِي أمتِي مثل الْملح فِي الطَّعَام لَا
1 / 18
يصلح الطَّعَام إِلَّا بالملح
وَأحمد وَمُسلم عَن أبي مُوسَى النُّجُوم أَمَنَة للسماء فَإِذا ذهبت النُّجُوم أَتَى السَّمَاء مَا توعد وَأَنا أَمَنَة لِأَصْحَابِي فَإِذا ذهبت أَنا أَتَى أَصْحَابِي مَا يوعدون وأصحابي أَمَنَة لأمتي فَإِذا ذهب أَصْحَابِي أَتَى أمتِي مَا يوعدون
وَالتِّرْمِذِيّ والضياء عَن جَابر لَا تمس النَّار مُسلما رَآنِي أَو رأى من رَآنِي
وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم خير الْقُرُون قَرْني ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ الحَدِيث
وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن جعدة بن هُبَيْرَة خير النَّاس قَرْني الَّذِي أَنا فِيهِ ثمَّ
1 / 19
الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ وَالْآخرُونَ أراذل
وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة خير أمتِي الْقرن الَّذِي بعثت فِيهِ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ الحَدِيث
والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء خير أمتِي أَولهَا وَآخِرهَا وَفِي وَسطهَا الكدر
وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية مُرْسلا خير هَذِه الْأمة أَولهَا وَآخِرهَا أَولهَا فيهم رَسُول الله ﷺ وَآخِرهَا فيهم عِيسَى ابْن مَرْيَم وَبَين ذَلِك نهج أَعْوَج لَيْسُوا مني وَلست مِنْهُم
وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود خير النَّاس قَرْني ثمَّ الثَّانِي ثمَّ الثَّالِث ثمَّ يَجِيء قوم لَا خير فيهم
1 / 20
وَابْن مَاجَه عَن أنس أمتِي على خمس طَبَقَات فأربعون سنة أهل بر وتقوى ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ إِلَى عشْرين وَمِائَة أهل تواصل وتراحم ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ إِلَى سِتِّينَ وَمِائَة أهل تدابر وتقاطع ثمَّ الْهَرج والمرج النجا النجا
وَله عَنهُ أَيْضا كل طبقَة أَرْبَعُونَ فَأَما طبقتي وطبقة أَصْحَابِي فَأهل علم وإيمان وَأما الطَّبَقَة الثَّانِيَة مَا بَين الْأَرْبَعين إِلَى الثَّمَانِينَ فَأهل بر وتقوى ثمَّ ذكر نَحوه
وَالْحسن بن سُفْيَان وَابْن مندة وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن دارم التَّمِيمِي الطَّبَقَة الأولى أَنا وَمن معي أهل علم ويقين إِلَى الْأَرْبَعين والطبقة الثَّانِيَة أهل بر وتقوى إِلَى الثَّمَانِينَ والطبقة الثَّالِثَة أهل تراحم وتواصل إِلَى الْعشْرين وَمِائَة والطبقة الرَّابِعَة أهل تقاطع وتظالم إِلَى السِّتين وَمِائَة والطبقة الْخَامِسَة أهل هرج ومرج إِلَى الْمِائَتَيْنِ وَلابْن عَسَاكِر مثله إِلَّا أَنه قَالَ فطبقتي وطبقة أَصْحَابِي أهل الْعلم وَالْإِيمَان وَقَالَ بدل المرج الحروب
وَكفى فخرا لَهُم أَن الله ﵎ شهد لَهُم بِأَنَّهُم خير النَّاس حَيْثُ قَالَ تَعَالَى ﴿كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس﴾ فَإِنَّهُم أول دَاخل فِي هَذَا الْخطاب كَذَلِك شهد لَهُم رَسُول الله ﷺ بقوله فِي الحَدِيث الْمُتَّفق على صِحَّته (خير الْقُرُون قَرْني) وَلَا مقَام أعظم من مقَام قوم ارتضاهم الله ﷿ لصحبة نبيه
1 / 21
ﷺ ونصرته وَقَالَ تَعَالَى ﴿مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم﴾ الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان رَضِي الله عَنْهُم وَرَضوا عَنهُ
فَتَأمل ذَلِك فَإنَّك تنجو من قَبِيح مَا اختلقته الرافضة عَلَيْهِم مِمَّا هم بريئون مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي بسط ذَلِك وإيضاحه فالحذر الحذر من اعْتِقَاد أدنى شَائِبَة من شوائب النَّقْص فيهم معَاذ الله لم يخْتَر الله لأكمل أنبيائه إِلَّا أكمل من عداهم من بَقِيَّة الْأُمَم كَمَا أعلمنَا ذَلِك بقوله ﴿كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس﴾
وَمِمَّا يرشدك إِلَى أَن مَا نسبوه إِلَيْهِم كذب مختلق عَلَيْهِم أَنهم لم ينقلوا شَيْئا مِنْهُ بِإِسْنَاد عرفت رِجَاله وَلَا عدلت نقلته وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء من إفكهم وحمقهم وجهلهم وافترائهم على الله ﷾ فإياك أَن تدع الصَّحِيح وتتبع السقيم ميلًا إِلَى الْهوى والعصبية وسيتلى عَلَيْك عَن عَليّ كرم الله وَجهه وَعَن أكَابِر أهل بَيته من تَعْظِيم الصَّحَابَة سِيمَا الشَّيْخَانِ وَعُثْمَان وَبَقِيَّة الْعشْرَة المبشرين بِالْجنَّةِ مَا فِيهِ مقنع لمن الْهم رشده
وَكَيف يسوغ لمن هُوَ من العترة النَّبَوِيَّة أَو من المتمسكين بحبلهم أَن يعدل عَمَّا تَوَاتر عَن إمَامهمْ عَليّ ﵁ من قَوْله إِن خير هَذِه الْأمة بعد نبيها أَبُو بكر ثمَّ عمر وَزعم الرافضة لعنهم الله أَن ذَلِك تقية سيتكرر عَلَيْك رده
1 / 22
وَبَيَان بُطْلَانه وَأَن ذَلِك أدّى بعض الرافضة إِلَى أَن كفر عليا قَالَ لِأَنَّهُ أعَان الْكفَّار على كفرهم فَقَاتلهُمْ الله مَا أحمقهم وأجهلهم
وروى الطَّبَرَانِيّ وَغَيره عَن عَليّ ﵁ الله الله فِي أَصْحَاب نَبِيكُم ﷺ فَإِنَّهُ أوصى بهم خيرا
1 / 23