هم أول من أظهره واضطرب الناس في ذلك فمن الناس من يحكي عن مالك فيه قولين وعن الشافعي كذلك وعن أحمد روايتان وأبو الحسن الأشعري وأصحابه لهم قولان وحقيقة الأمر في ذلك أن القول قد يكون كفرا فيطلق القول تكفير قائله ويقال من قال كذا فهو كافر لكن الشخص المعين الذي قاله لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها من تعريف الحكم الشرعي من سلطان أو أمير مطاع كما هو المنصوص عليه في كتب الأحكام فإذا عرفه الحكم وزالت عنه الجهالة قامت عليه الحجة وهذا كما هو في نصوص الوعيد من الكتاب والسنة وهي كثيرة جدا والقول بموجبها واجب على وجه العموم والاطلاق من غير أن يعين شخص من الأشخاص فيقال هذا كافر أو فاسق أو ملعون أو مغضوب عليه أو مستحق للنار لا سيما إن كان للشخص فضائل وحسنات فإن ما سوى الأنبياء يجوز عليهم الصغائر والكبائر مع إمكان أن يكون ذلك الشخص صديقا أو شهيدا أو صالحا كما قد بسط في غير هذا الموضع من أن موجب الذنوب تتخلف عنه بتوبة أو باستغفار أو حسنات ماحية أو مصائب مكفرة أو شفاعة مقبولة أو لمحض مشيئة الله ورحمته (فإذا قلنا) بموجب قوله تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا (الآية) وقوله إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا وقوله ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده (الآية) وقوله ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلى قوله ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما (الآية) إلى غير ذلك من آيات الوعيد (قلنا) بموجب قوله صلى الله عليه وسلم لعن الله من شرب الخمر أو من عق والديه أو من غير منار الأرض أو من ذبح لغير الله أو لعن الله السارق أو لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه أو لعن الله لأوى الصدقة والمتعدي فيها أو من أحدث في المدينة حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين إلى غير ذلك من أحاديث الوعيد لم يجز أن تعين شخصا ممن فعل بعض هذه الأفعال وتقول هذا المعين قد صابه هذا الوعيد لإمكان التوبة وغيرها من مسقطات العقوبة إلى أن قال ففعل هذه الأمور من يحسب أنها مباحة باجتهاد أو تقليد ونحو ذلك وغايته أنه معذور من لحوق الوعيد به لمانع كما امتنع لحوق الوعيد بهم لتوبة أو حسنات ماحية أو مصائب مكفرة أو غير ذلك وهذه السبيل هي التي يجب أتباعها فإن ما سواها طريقان خبيثان أحدهما القول بلحوق الوعيد بكل فرد من الأفراد
صفحہ 25