قالت: لولا أنك تمزح لقلت إنك مغرور، غروركم كلكم معشر الرجال، لا تتكلم الواحدة كلمتين مع واحد منكم حتى يحسبها مجنونة بهواه.
قال: أو يحسب أنه مجنون بهواها!
قالت: طيب والله لقد قطعنا شوطا بعيدا جدا في نصف ساعة، ولا أدري ما خطب «ماريانا» سامحها الله! أين ذهبت وتركتنا؟ ألعلك على اتفاق معها أن تهيئ هذا اللقاء؟ ... ما في ذلك من عجب، فهكذا تصنع الخائطات فيما يقال.
وسمعت «ماريانا» اسمها فعادت تهرول وتتساءل: ماذا تقولين عني يا سارة؟
قال همام: إنها تتهمك بأنك تدبرين عن عمد خلوة غرامية بين هذه الديكة وهذه الدجاج.
قالت ماريانا : أنا أعلم على الأقل أن الدجاج لا تحتاج إلى من يدبر لها الخلوة مع الديكة.
قالت الفتاة: قاتلك الله يا عجوز السوء، لماذا تنصلين من التهمة؟ أما كان الأولى أن تتمهلي لمحة لعلي كنت أنوي أن أشكرك على ما صنعت؟
فطاش الفرح بهمام، وأوشك قلبه أن يفلت من نياطه، وانتشى نشوة خمسين كأسا في رشفة واحدة، وقال وهو يهجم على «ماريانا»: بل دعي لي أنا أن أشكرها، إنني أقبل وجنتيها ... إنني ألثم فاها ... وصنع ما يقوله قبل أن تفيق «ماريانا» من دهشتها وقهقتها، ومال إلى الفتاة قبل أن تدري ما هو صانع قائلا: وأقبلك أنت أيضا إكراما لماريانا. وقبلها!
ثم جلس مأخوذا بما حدث يتوقع ماذا تكون الكلمة الأولى التي تلفظها الفتاة؛ أتشتم؟ أتصطنع الغضب؟ أتنطلق من المنزل؟
وكأنما كان التوقع هو شغله الشاغل في حينها دون ما يتبعه من ثورة أو مسامحة، فاستطال الأمد، وما انقضت غير ثوان في توقع ما يكون، وزاده فرحا على فرح أن شيئا مما توقعه لم يحدث، وأن كل ما حدث أن الفتاة بهتت وراحت تقول شيئا لا بد أن يقال، فقالت في صوت خافت: لقد آذاني شاربك الطويل! •••
نامعلوم صفحہ