فلاحظ إيفانوف متهكما: «إنك تضطرب له أكثر مما يجب.»
فقال يوري: «أولست أنت كذلك؟» - «أنا؟ كلا! لا ريب أني لا أشتهي الموت فليس فيه متعة كبيرة ترغب. والحياة أشهى منه وأمتع. ولكن إذا كان لا بد من الموت فإني أحب أن يكون وحيا وأن تخلو موافاته من الجلبة والكلام الفارغ.»
فضحك سانين وقال: «وإنك لم تجرب الأمر بعد!»
فأجابه إيفانوف: «كلا! هذا صحيح.»
فقال يوري: «لقد سمعنا كل هذا من قبل. قولوا ما شئتم فالموت هو الموت وهو فظيع في ذاته وكفى هادما لكل لذة في الحياة أن يفكر المرء في هذه الخاتمة العنيفة التي لا مفر منها. ما معنى الحياة؟»
فصاح به إيفانوف متضايقا: «لا معنى لها.»
فأجابه يوري: «كلا، هذا مستحيل، إن كل شيء أحكم نظاما وأبرع ترتيبا من ...»
فقال سانين مقاطعا: «إن رأيي أنه ما من خير في أي شيء.»
فقال يوري: «كيف تذهب إلى هذا؟ وما قولك في الطبيعة؟»
فضحك سانين ضحكة خفيفة ولوح بيده مستخفا وقال: «الطبيعة؟ ها ها، إني أعلم أن من المألوف أن نقول إن الطبيعة بالغة حد الكمال. والحقيقة هي أن الطبيعة مثل الإنسان نقصا وعيوبا. وفي وسع كل منا بدون جهد كبير أن يتصور عالما يكون خيرا من هذا مائة مرة. لماذا لا تكون الحرارة والضوء سرمدا علينا والرياض خضراء نضيرة خلقة أبدا؟ أما عن معنى الحياة فلا أشك في أن لها معنى فإن الغاية في مطاويها مجرى الأمور وأخلق بالفوضى أن تكون شاملة محيطة إذا لم يكن ثم من غاية. ولكن هذه الغاية خارجة عن دائرة وجودنا إذ هي كائنة في أساس الوجود. هذا محقق. ونحن لا يمكن أن نكون أصل الوجود ولا آخره كذلك. وليس دورنا فيه إلا سلبيا إضافيا. ونحن نؤدي مهمتنا بمجرد حياتنا، فحياتنا ضرورية. وكذلك موتنا أيضا.»
نامعلوم صفحہ