ودخلت البيت ومضى يوري متريثا إلى الحديقة الخضراء الأرجة ولم يوغل فيها بل وقف يلتفت في أرجائها ويحدق في نوافذ البيت المظلمة كأنما قام بنفسه أن شيئا يجري هناك - شيئا غريبا جميلا غير مفهوم - وبرزت سينا إلى عتبة الباب، ولكن يوري لم يكد يعرفها وكانت قد نضت ثوبها الأسود وارتدت ثوب «الروسيا الفتاة» وهو صدرية إلى الخصر قصيرة الأكمام ينسدل من تحتها إلى الساقين قميص أزرق فقالت باسمة: «هذا أنا.»
فأجابها يوري وفي صوته نبرة توكيد لا يقدرها غيرها: «وكذلك أراك.»
فابتسمت ثانيا ونحت عينها عنه وهما يسيران بين الحشائش الطويلة وأغصان الليلاج. وكانت الأشجار صغيرة وأكثرها أشجار توت لأوراقها الصغيرة رائحة الصمغ. ومما يلي الحديقة مرج متفتحة فيه الأزاهير بين الحشائش.
فقالت سينا: «دعنا نجلس هنا.»
فجلسا إلى جانب السور المتداعي وجعلا يتأملان الشفق الزائل من وراء المرج، وتناول يوري عود ليلاج صغير فتساقطت عنه الأنداء.
وسألته سينا: «هل أغنيك؟»
أجاب: «نعم غنني!»
فأصعدت سينا نفسا عميقا كما فعلت ليلة النزهة وبرزت معالم صدرها البديع تحت صدريتها الرقيقة وهي تغنيه:
آه يا نجم الحب الوضيء
وسبحت ألحانها النقية الحارة في جو المساء.
نامعلوم صفحہ