76

وكان المساء ساكنا والجو دافئا والأتربة الخفيفة ثائرة، والميدان خاليا إلا من واحد أو اثنين من السابلة.

فسار يوري وعيناه إلى الأرض، وجعل يخاطب نفسه قائلا: «ما أشد ملالي، ماذا أصنع؟»

وإنه لكذلك وإذا بشافروف الطالب يغذ السير ويطوح بذراعيه ثم دنا منه وعلى وجهه ابتسامة الودود وسأله: «ما لك تمشى وئيدا؟»

فقال يوري بلهجة فاترة فيها شيء من التعالي: «لقد كاد يقتلني الملل ولا أدري ماذا أصنع. وإلى أين؟»

وكان لا يكلم شافروف إلا بهذه اللهجة لأنه عضو سابق في اللجنة الثورية، أما شافروف فما هو في نظره إلا فتى ثوري حديث العهد. فابتسم شافروف ابتسامة الرضى عن النفس وقال: «ستلقى اليوم محاضرة.»

وأشار إلى حزمة من الرسائل مطوية في ملف ملون.

فتناول يوري إحداهما وفتحها وقرأ المقدمة الطويلة الحافة لخطبة اشتراكية مشهورة كان يعرفها ثم نسيها الآن.

فسأله يوري: «وأين تلقى هذه المحاضرة؟» ورد إليه الرسالة وعلى فمه ابتسامة الاستخفاف.

أجاب شافروف: في «المدرسة.»

وكانت هي عين المدرسة التي تدرس فيها سينا كرسافينا ودوبوفا. فذكر يوري أن أخته لياليا حدثته مرة عن هذه المحاضرات ولكنه لم يجعل باله إليها، فسأله: «أتسمح لي أن أرافقك؟»

نامعلوم صفحہ