فسأله سانين مستغربا: «أمسافر أنت؟ وإلى أين؟» فتحاشى نوفيكوف نظرة سانين ومضى في جمع أشيائه وهو مرتبك مغيظ لارتباكه ثم قال أخيرا: «نعم لا بد لى من مغادرة هذا المكان. فقد أمرت بذلك رسميا.»
فنظر إليه سانين ثم إلى الحقيبة. وبعد نظرة أخرى انبسطت أسارير وجهه عن ابتسامة، وكان نوفيكوف صامتا يجثم على صدره إحساسه بالوحدة وحزنه العميق وشرع - وهو غارق في خواطره - يلف حذاءين مع بعض الأنابيب الزجاجية. فقال سانين: «إذا كنت تحزم أمتعتك على هذه الطريقة فستصل إلى حيث تقصد بدون الأنابيب أو بدون الحذاءين.»
فأرسلت عين نوفيكوف المغروقة ردها وقالت: «آه! دعني أما ترى كيف حزني وألمي؟»
ففهم سانين هذا الرد الصامت وسكت: وكان الأصيل قد جاء وصارت السماء صافية كالبلور ثم قال سانين: «أظن أن الأرشد لك والأولى بك بدلا أن تذهب إلى حيث لا يدري - إلا الشيطان - أن تتزوج ليدا.»
فاستدار نوفيكوف وهو يرجف وقال: «لا يسعني إلا أن أطلب إليك أن تكف عن هذا المزاح السخيف.»
قال ذلك بصوت عال شديد فرن صداه وتجاوبت به الحديقة الحالمة فسأله سانين: «لماذا هذا الغضب؟»
فأجاب نوفيكوف بصوت مخنوق: «اسمع؟»
وكان في عينه وعلى وجهه من الغضب ما جعل سانين ينكره ولا يعرفه على أنه مع ذلك سأله ضاحكا: «أتريد أن تقول إنه لا يكون من حسن حظك أن تتزوج ليدا؟»
فصاح به نوفيكوف: «اخرس»
وتطرح إليه وفي يده حذاء قديم يلوح به فوق رأس سانين، فقال سانين بعنف وهو يتراجع: «تمهل! لا تغضب أمجنون أنت؟»
نامعلوم صفحہ