162

نقل القرطبي (1) عن أبي بكر الطرطوشي (*) أنه سئل عن قوم يجتمعون في مكان يقرؤن شيئا من القرآن ، ثم ينشد لهم منشد شيئا من الشعر فيرقصون ويطربون ويضربون بالدف والشبابة (2)، هل الحضور معهم حلال أو لا؟. فأجاب : مذهب السادة الصوفية ، ان هذا بطالة وجهالة.

(قال العلامة الدميري في حياة الحيوان الكبرى : وقد رأيت أنه أجاب بلفظ غير هذا وهو أنه قال : مذهب الصوفية بطالة وضلالة وجهالة ، إلى آخر كلامه). وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري لما اتخذ عجلا جسدا له خوار قاموا يرقصون حوله ويتواجدون ، فهو دين الكفار ، وعباد العجل. وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس مع أصحابه كأن على رؤوسهم الطير مع الوقار. فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعوهم من الحضور في المساجد وغيرها ، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم ، ولا يعينهم على باطلهم. هذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم من أئمة المسلمين. انتهى.

ولنعد إلى ما نحن بصدده. ثم لم نزل نصل المسير بالسرى ، ونفترع الآكام والذرى ، حتى طوينا جملة تلك المراحل ، وقطعنا الخصب منها والماحل ، فكان آخر منزل نزلناه ، وأمطنا فيه شعث السفر وأزلناه : قصرا لبعض خدام مولانا السلطان ، يشتمل على بستان يملأ العين قرة ويسلي عن الأوطان. مستحكم الأركان والقواعد ، قد استدار به نهر استدارة القلب (3) بالساعد ، يختال من روضه في حلة مفوفة بالأزهار ، مطرزة بالجداول والأنهار. فبتنا به ليلة نراقب فيها تشمير الليل ذيله ، فلما أسفر الفجر عن صبح يوم الجمعة المبارك بقدرة الله تعالى وتبارك ، لثمان بقين من شهر ربيع الأول

صفحہ 174