[أول الواجبات العقلية]
وكان أول ما كلفهم به من فرائضه توحيده بالربوبية، وإخلاصه تبارك وتعالى بالوحدانية، فأبان لهم ما فرض من إخلاصه بالوحدانية عليهم، وما حكم به من توحيده بالربوبية فيهم، بدلائل جمة لا تحصى، وشواهد كثيرة لا تستقصى، من سمائه وأرضه وما بينهما، ومن أنفسهم التي هي أقرب إليهم منهما، تحقيقا في ذلك لتكليفه، وتقريبا فيه لسبيل تعريفه، فقال رحمة منه للعالمين، { وفي الأرض آيات للموقنين، وفي أنفسكم أفلا تبصرون، وفي السماء رزقكم وما توعدون، فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون } [الذريات: 20 - 23]، وقال سبحانه :{ إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السموات والأرض لآيات لقوم يتقون } [يونس: 6]، والآيات فهن الشواهد والدلالات، ثم لم يتركهم مع ذلك كله من إرساله رسله فيهم بالرسالات، رأفة منه بهم ورحمة، وإحسانا منه إليهم ونعمة، بعد أن أخبرهم سبحانه أن بيان ما كلفهم في ذلك من حقه، مثل بيان ما بين لأحدهم إذا نطق من نطقه، كل ذلك إعذارا منه بالبيان المنير إليهم، واحتجاجا منه لخلقه بالبرهان المبين عليهم، { ليهلك - كما قال سبحانه - من هلك عن بينة ويحيي من حيي عن بينة وإن الله لسميع عليم } [الأنفال: 42]. فتبارك رب العالمين.
صفحہ 446