الحجة في وجوب صلاة الجمعة في زمن الغيبة تصنيف مولانا محمد مقيم اليزدي أول من أقام الجمعة بيزد المتوفى سنة 1084 عنى باستخراجه وتصحيحه وطبعه السيد جواد المدرسي اليزدي دام أفضاله
صفحہ 49
بسمه تعالى ترجمة المصنف ره هو الشيخ العظيم والقدوة الكريم مولانا محمد مقيم اليزدي بن محمد علي بن قاسم علي بن إسماعيل بن تاج الدين على ما نسب نفسه في أواخر بعض تصانيفه المعروف بملا مقيما ذكره في الجامع المفيدي (تاريخ يزد) وأثنى عليه غاية الثناء كان ره شيخ الأخباريين بيزد ومرجع فصل الخصومات ومدرس شرايع الدين. زار بيت الله وأقام الجمعة والجماعة في المسجد الجامع بيزد أربعين سنة على ما في الجامع وهو أول من أقام الجمعة بيزد وكان رأيه الوجوب العيني خلف أولادا علماء صلحاء وكان إقامة الجمعة باقيا في أعقابه على الظاهر إلى زمان فتح علي شاه قاجار وكان المقيم للجمعة في ذلك الزمان من أحفاده من يسمى بملا محمد على صالحا عالما أخباريا وحينئذ، انتقل في قضية
صفحہ 50
إلى جدنا العلامة الأصولي الميرزا محمد على المدرس المتوفى سنة 1265 وكان باقيا في أعقابه إلى الآن ولصاحب الترجمة عدة تصانيف ذكر بعضها في الجامع منها ترجمة جامع الأخبار ومنها ترجمة من لا يحضره الفقيه ومنها تفسير كبير فارسي مسمى بسفينة النجاة قال وأنها متداول أقول ومن منن الله تعالى أن ظفرنا بمجلدين من ذلك التفسير إحديهما محفوظة بمكتبة الوزيري بيزد من سورة العنكبوت إلى الفتح وأخرى مجلد ضخم من سورة مريم إلى آخر القرآن وفرغ المصنف منه سنة 1072 وبعده وصايا جمة متخذة من وصايا الأئمة عليهم السلام وكلمات العلماء والحكماء ومن وصاياه إقامة الجمعة أصل هذه النسخة متعلقة ببعض السادة حفظه الله واستنسخ المكتبة الوزيري ومنها ما اطلعنا عليه أيضا في تلك المكتبة وهي وسيلة النجاة في عدة مجلات والموجود منه المجلد الأول فارسي ذكر في أوله ما حاصله بالعربية أشار إلى بعض الأعيان الأجلة وأطرى عليه بصفات لا مزيد عليه من العلم والعرفان والزهد وإقامة العدل والتقرب عند الملوك إلى غير ذلك ثم قال سلالة أولاد النبي (صلى الله عليه وآله) الميرزا أبو المهدي بجمع كتاب مقتبس من كتاب الله تعالى والكتب الأربعة وروضة الكافي يشتمل على ما يهم علمه في الدين من أول كتاب العقل والجهل إلى آخر الديات وطرائف وردت في روضة الكافي أقول وفي الحقيقة ترجمة للكتب المذكورة فرغ من المجلد الأول منه سنة 1077 قال ويتلوه المجلد
صفحہ 51
الثاني في الطهارة والصلاة شكر الله مساعيه ومنها هذه الرسالة التي سماها بالحجة وهو بين يديك والظاهر أنه أدق ما رأينا من تصانيفه رد فيها على من أنكر عليه وجوب الجمعة فرغ منه سنة 1063 وجدناها مع ما سبق و ما يأتي وغيرها في ضمن مجموعة ورثناها من جدنا العلامة ميرزا صدر الدين محمد الطباطبائي ره وكان ذلك من بركات سيدنا والدنا العلام السيد أحمد المدرس سلمه الله ولا أظن أن لها نسخة ثانية ولا يخفى أن له رسالة أخرى في وجوب صلاة الجمعة مذكور في تفسير كبيره سفينة النجاة في سورة الجمعة تنبيه اعلم أنه قد شاع من زمان الصفوية رحمهم الله تعالى إقامة الجمعة والبحث عنها وإفراد الرسالة فيها إثباتا ونفيا إطلاقا وتقييدا من العلماء والمتعلمين حتى المشاكلين لهم والطعن على مخالفيهم وذلك لثلاثة أمور الأول رفع التقية من المخالفين في ممالك إيران بظهور دولتهم لأن المخالفين يزعمون أن إقامة الجمعة منصب للخليفة أو نائبه وإقامتها بدون إذنه إلحاد في مرام المخالفين ذكر الخليفة ينادي بذلك قول الشيخ حسين ووالد البهائي ره في العقد الحسيني وليس لنا اليوم بحمد الله في تركها عذر بخلاف من تقدمنا إلى آخر ما قال ره فراجع ص 34 وكذا قول صاحب الرسالة في ما يأتي الثاني كثرة علماء الأخباريين والغالب عليهم القول بالوجوب العيني ومنهم صاحب الترجمة كما أن على الأصوليين عدم الوجوب العيني والمطلق الثالث أنه لما تمكن أمر الصفوية وكثر المحاربة والمجادلة والمطاعنة
صفحہ 52
بينهم وبين العثمانية والأوزبكية وغيرهم من المخالفين صاروا بصدد إعداد العدة وسد ثلم الطعن ومنها صلاة الجمعة أما الشاه إسماعيل ره فكان مشغولا بتأسيس السلطنة وإقامة عمود الرياسة أما الشاه طهماسب ره ففي أوائل سلطنته جعل الشيخ على المحقق الكركي ره شيخ الإسلام في منشور عظيم من أرادها فليراجعها في مظانها وفتوى الشيخ المذكور الوجوب التخييري بشرط وجود الفقيه وكتب رسالة مفردة فيها على ما في جامع المقاصد فلم يتيسر إشاعة إقامة الجمعة فلما توفي أو استشهد وصار شيخ الإسلام الشيخ حسين والد البهائي ره حيث جائا إلى إيران وكان رأيه الوجوب العيني تبعا لشيخه شيخنا الشهيد الثاني ره في رسالة مفردة منسوبة إليه كتبها في أوائل أمره شاع إقامة الجمعة والظاهر أنه أول من أقام الجمعة بممالك مجروسة إيران و اتفق ذلك في الهرات وهلم جر أو مما يوضح ما قلناه قول الشيخ حسين أيضا في الرسالة المتقدمة ومما يتحتم فعله في زماننا صلاة الجمعة دفعا لتشنيع أهل السنة الخ فبهذه الأمور وغيرها صارت الجمعة شايعة والعلم عند الله وفاته ره وكان سبب وفاته ره على ما في الجامع صدمة فرس بعض الفرسان في ميدان قلعه (والآن صارت تكية أو حسينية محوطة مبوته معدة لإقامة عزاء سيد الشهداء (عليه السلام) ويكون جنب الشارع مقابل مسجد محلة قلعه كهنة المسمى بشاه يحيى) واتصل روحه بالملاء الأعلى في عام 1084 ودفن في حظيرة حوالي وقت الساعة على ما في الجامع وأقيمت له المأتم حشره الله مع محمد و آله الطاهرين
صفحہ 53
وقد نقل لي بعض السادة الأجلة حفظه الله نقلا عن مشايخ القوم أن قبره كان في حظيرة أي محوطة قرب وقت الساعة ثم نبش قبره وألقى عظامه في بئر واستنكر ذلك لجلالة شأن ملا مقيما ره وموضع القبر الآن يكون دارا نعوذ بالله أقول فعلى هذا المراد بالحظيرة معناها اللغوي لا البقعة المعروفة المسماة بالحظيرة (روضة محمدية) وهو إحدى البقاع والمشهورة بيزد يزد (سيد جواد مدرسي) عفى عنه
صفحہ 54
بسم الله الرحمن الرحيم وعليه التوكل وبه نستعين الحمد لله على ما أنزل إلى رسوله كتابا مباركا ليدبروا آياته وليذكر أولوا الألباب. وأتم به نوره وأخبر أنه ما فرط من شئ في الكتاب.
وبعث الرسول ونصب الأئمة ليبينوا للناس ما نزل من الحكمة و فصل الخطاب. والصلاة والسلام على محمد سيد المرسلين وعترته الهادين إلى الرشد والبر والصواب. الذين من تمسك بهم وبكتاب الله لن يضل أبدا في الدين والدنيا والمعاد والمآب أما بعد فإني لما تتبعت كتب الفقهاء رضوان الله عليهم في صلاة الجمعة حال الغيبة وتصفحت آرائهم فيها وجدتهم مختلفين مفترقين فرقا شتى فمنهم من قال إنها واجبة عينية مطلقا ومنهم من رأى وجوبها تخييريا بينها وبين الظهر مطلقا وبعضهم قال إنها واجبة عينية بشرط الفقيه وقال سلار وابن إدريس لا يجوز فعلها مطلقا ولا يمكن حمل أقوالهم جميعا على الصواب قال أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه ثم ترد تلك القضية
صفحہ 55
بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله ثم يجتمع القضاة عند إمامهم الذي استقضاهم فيصوب آرائهم جميعا وإلههم واحد وكتابهم واحد ونبيهم واحد فأمرهم الله سبحانه بالاختلاف فأطاعوه أم نهاهم عنه فعصوه أم أنزل الله سبحانه دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه أم كانوا شركاء له فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى أم أنزل الله سبحانه دينا ناقصا فقصر الرسول (صلى الله عليه وآله) عن تبليغه وأدائه والله سبحانه يقول ما فرطنا في الكتاب من شئ وهو تبيان كل شئ وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا وأنه لا اختلاف فيه فقال ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وأن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ولا تكشف الظلمات إلا به انتهى كلامه صلوات الله وسلامه عليه محمد بن نوبختي عن أحمد بن عيسى عن علي بن حديد عن مرازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شئ والله ما ترك شيئا يحتاج إليه العباد حتى لا يستطيع عبد يقول لو كان هذا أنزل في القرآن إلا وقد أنزل الله فيه محمد بن أبي عبد الله رفعه عن يونس بن عبد الرحمن قال قلت لأبي الحسن الأول (عليه السلام) بما أوحد الله عز وجل فقال يا يونس لا تكونن مبتدعا من نظر برأيه هلك ومن ترك أهل بيت نبيه (صلى الله عليه وآله) ضل ومن ترك كتاب الله وقول نبيه (صلى الله عليه وآله) كفر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
صفحہ 56
إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع وما حل مصدق ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار هو الدليل يدل على خير سبيل وهو كتاب فيه تفصيل وهو الفصل ليس بالهزل وقال (صلى الله عليه وآله) ما عدل أحد عن القرآن إلا إلى النار وقد صح عن النبي (صلى الله عليه وآله) يرونه الخاص والعام أنه قال إني تارك فيكم الثقلين ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا على وفي معناها أحاديث صحيحة وروايات كثيرة لا يسعها المقام فعلمت يقينا حمد الربى الذي هداني أن الواجب على من المذاهب والأقوال ما في كتاب الله العزيز الحكيم وأحاديث الرسول الأمي وعترته عليهم التحية والتسليم ونبذ قول المانع وراء ظهري لأنه ما كان له على من حجة وسلطان وإلا كنت من الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم وكان مثلي كمثل لحمار يحمل أسفارا وصدق في شأني بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله وصرت من الذين قال فيهم والله لا يهدي القوم الظالمين ولما كانت هذه الفريضة العظيمة في بلدتي (1) متروكة ولم تكن كما في ساير البلاد معروفة مشهورة لم أجد سبيل السعي إلى تحصيلها إلا أن أكون مقيمها مع الأولاد والإخوان ومريديها حتى أجد من الأخيار والأبرار من يقيمها وكان كثير من الأكابر
صفحہ 57
ينقمون مني وقليل من قليل نصروني وأنا القائل ما قال سيدي الصادق عليه التحية والثناء لذة ما في النداء أزال التعب والعناء حتى إذا رأى الفاضل العالم الحكيم ذو الفضل والخلق العظيم جامع المنقول والمعقول حاوي الفروع والأصول الذي وجب صون اسمه عن اللسان لأن مآثره متجاوز عن البيان لا زال ظلال فضله وإفادته ظليلا ممدود أو زلال معرفته وإفاضته جاريا مسكوبا الأحاديث التي وردت في الجمعة وأقول الفقهاء فيها حال الغيبة مما أنا جمعتها وكتبتها فكتب رسالة وجيزة موهمة على تحريمها وعدم جوازها وأرسلها إلى لأتركها وأعرض عنها فلولا ما قرأت مما أوعدني ربي ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيمة أعمى. ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا لا عرضت عنها. ولولا ما سمعت من قوله ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه لا غلقت الباب ومنعت الناس أن يدخلوها ولولا ما رأيت أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى لنهيت الناس أن يصلوها ولكن كل ذلك يمنعني من كل ذلك فأنا إن شاء الله ما دمت حيا مقيمها وأستغفر الله وأتوب إليه بما جهلت وفرطت فيها وأعتذر إلى الفاضل دام فضله بما أحرر على رسالته وأجيب عن كل واحدة من مقالته وقد يخطر ببالي أن الغرض من الرسالة اختباري وإلا أرى عظيما من فضائله أن يفضل على الكتاب
صفحہ 58
والسنة ما يراه من دلائله ولا يظن ظان متعرضا معاذ الله للتعريض بأحد أو مراء أو حجاج من أنا وما أنا وما لي وللناس لي عملي ولهم عملهم و كل إليه راجعون ومن رحمته راجون ولكن أجبروا ضميري على إخراج مكنون ما فيه فإن كل إناء يترشح بما فيه ولا حول ولا قوة إلا بالله و توكلت على الله وفوضت أمري إليه الله وحسبني ربي ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم قال بسم الله الرحمن الرحيم الله إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن صلاة لا ترفع ومن دعاء لا يسمع أقول هذا الدعاء ذكره الشيخ ره في المصباح هكذا الله إني أعوذ بك من نفس لا تقنع ومن قلب لا يخشع ومن علم لا ينفع إلى آخر ما ذكره أما القناعة قال في الصحاح القناعة بالفتح الرضا بالقسم وقد قنع بالكسر يقنع قناعة روى صاحب عدة الداعي ره عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال القانع يقنع بما يصيب من الدنيا يقنع بالقليل و يشكر اليسير وينبغي العياذ بالله من نفس لا يقنع لئلا يطمع ما في أيدي الناس ولا ترغب في الدنيا عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذله وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال بئس العبد عبد له طمع يقوده وبئس العبد عبد له رغبة تذله وعن علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في أيدي الناس وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال رأس كل خطيئة حب الدنيا وأما الخشوع قال صاحب
صفحہ 59
مجمع البيان قدس الله سره عند تفسير قوله تعالى وأنها لكبيرة إلا على الخاشعين الخشوع والخضوع والإخبات نظائر وضد الخشوع الاستكبار انتهى كلامه فيجب العياذ بالله من قلب لا يخشع لئلا يستكبر فقد روي عن زين العابدين (عليه السلام) عليه صلوات الله رب العالمين أول ما عصي به الله الكبر معصية إبليس حتى أبى واستكبر وكان من الكافرين وسئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن أدنى الإلحاد فقال إن الكبر أدناه وعن عبد الأعلى عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أدنى الإلحاد فقال إن الكبر أدناه وعن عبد الأعلى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له ما الكبر فقال أعظم الكبر أن تسفه الحق وتغمض الناس قلت وما سفه الحق قال تجهل الحق وتطعن على أهله وأما العلم فعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه ثلاثة آية محكمة أو فريضة عادله أو سنة قائمة وما خلاهن فهو فضل وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول طلب العلم فريضة على كل مسلم فاطلبوا العلم من مظانه واقتبسوه من أهله فإن تعلمه الله حسنة وطلبه عبادة والمذاكرة به تسبيح والعمل به جهاد وتعليمه من لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة إلى الله تعالى لأنه معالم الحلال والحرام ومنار سبيل الجنة والمؤنس في الوحشة والصاحب في الغربة والوحدة والمحدث في الخلوة والدليل على السراء والضراء والسلاح على الأعداء والزين عند الأخلاء يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة تقتبس آثارهم ويهتدي بفعالهم وينتهي إلى آرائهم ترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم وفي صلاتها تبارك عليهم تستغفر لهم كل رطب ويابس حتى حيتان البحر وهوامه وسباع البر
صفحہ 60
وأنعامه وأن العلم حياة القلوب من الجهل وضياء الأبصار من الظلمة وقوة الأبدان من الضعف يبلغ بالعبد منازل الأخيار ومجالس الأبرار والدرجات العلى في الدنيا والآخرة والفكر فيه يعدل بالصيام ومدارسته تعدل بالقيام به يطاع الرب عز وجل ويعبد وبه توصل الأرحام ويعرف الحلال والحرام والعلم إمام العمل والعمل تابعه يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء فطوبى لمن لا يحرمه الله منه حظه وقال الصادق (عليه السلام) أولي العلم ما لا يصلح لك العمل إلا به وأوجب العلم ما أنت مسؤول عن العمل به وألزم العلم لك ما ذلك على صلاح قلبك وأظهر لك فساده وأحمد العلم عاقبة ما زاد في عملك العاجل فلا تشغلن بعلم ما لا يضرك جهله ولا تغفلن عن علم ما يزيد في جهلك تركه وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) يحدث عن النبي (صلى الله عليه وآله) في كلام له العلماء رجلان عالم آخذ بعلمه فذا ناج وعالم تارك لعلمه فهذا هالك وأن أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعمله وأن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعى عبدا فاستجاب له وقبل منه فأطاع الله فأدخله الله الجنة وأدخل الداعي النار بترك علمه واتباعه الهوى وطول الأمل أما اتباع الهوى فيصد عن الحق وطول الأمل ينسي الآخرة وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال العلم مقرون إلى العمل فمن علم عمل ومن عمل علم والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل وعن علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال مكتوب في الإنجيل لا تطلبوا علم ما لا تعملون
صفحہ 61
ولما تعملوا بما علمتم فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلا كفرا ولم يزدد من الله إلا بعدا وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام له خطب به على المنبر أيها الناس إذا علمتم فاعملوا بما علمتم لعلكم تهتدون أن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق عن جهله بل قد رأيت أن الحجة عليه أعظم والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه منها على هذا الجاهل المتحير في جهله وكلاهما حائر بائر لا ترتابوا فتشكوا ولا تشكوا فتكفروا ولا ترخصوا لأنفسكم فتدهنوا ولا تدهنوا في الحق فتخسروا وأن من الحق أن أن تفقهوا ومن الفقه أن لا تغتروا وأن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه وأغشكم لنفسه أعصاكم لربه ومن يطع الله يأمن ويستبشر ومن يعص الله يخب ويندم وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحدة قال عيسى بن مريم (عليه السلام) ويل للعلماء السوء كيف تلظى عليهم النار وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال طلبة العلم ثلاثة فأعرفهم بأعيانهم وصفاتهم صنف يطلبه للجهل والمراء وصنف يطلبه للاستطالة والختل وصنف يطلبه للفقه والعقل فصاحب الجهل والمراء موذ ممار متعرض للمقال في أندية الرجال بتذاكر العلم وصفة الحلم قد تسربل بالخشوع وتخلى من الورع فدق الله من هذا خيشومه وقطع منه حيزومه وصاحب الاستطالة والختل ذو خب وملق يستطيل
صفحہ 62
على مثله من أشباهه ويتواضع للأغنياء من دونه فهو لحلوانهم هاضم ولدينه حاطم فأعمى الله على هذا خبره وقطع من آثار العلماء أثره وصاحب الفقه والعقل وكآبة وحزن وسهر قد تحنك في برنسه و قام الليل في حندسه يعمل ويخشى وجلا داعيا مشفقا مقبلا على شأنه عارفا بأهل زمانه مستوحشا من أوثق إخوانه فشد الله من هذا أركانه وأعطاه يوم القيمة أمانه فبهذه الأحاديث المذكورة وبما لم يذكر منها مما في معناها تبين لك علم الذي ينفع مما استعاذ منه من علم لا ينفع أعاذنا الله منه وأما الصلاة فإنها عماد الدين وأول ما يحاسب العبد في يوم الدين وآخر وصايا الأنبياء والمرسلين عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال إن الصلاة إذا ارتفعت في وقتها رجعت بيضاء مشرقة تقول حفظتني حفظك الله وإذا ارتفعت في غير وقتها تقول ضيعتني ضيعك الله وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال والله إنه ليأتي على الرجل خمسون سنة وما قبل منه صلاة واحدة فأي شئ أشد من هذا والله إنكم لتعرفون من جيرانكم وأصحابكم من لو كان يصلي لبعضكم ما قبلها منه لاستخفافه بها إن الله عز وجل لا يقبل إلا الحسن فكيف يقبل ما يستخف به وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام يصلي فلم يتم ركوعه ولا سجوده فقال (صلى الله عليه وآله) نقر كنقر الغراب لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني فكل صلاة لا تقام بشروطها وحدودها كما حددها وعينها رسول الله (صلى الله عليه وآله)
صفحہ 63
هي التي لا ترفع سواء زيد فيها كوضع الرباعية موضع الثنائية أو بالعكس أو غير ذلك أعاذنا الله منه وأما الدعاء فقد قال الله تبارك وتعالى ادعوني أستجب لكم وقال عز شأنه وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئا إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم ولا يكون له رجاء إلا من عند الله فإذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأله شيئا إلا أعطاه وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن الله عز وجل لا يستجيب الدعاء بظهر قلب قاس وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر وعن الصادق (على السلام) كان رجل من بني إسرائيل (عليه السلام) قد دعا الله عز وجل أن يرزقه غلاما ثلاث سنين فلما رأى أن الله لا يجيب قال يا رب أبعيد أنا منك فلا تسمعني أم قريب فلا تجيبني فأتاه آت في منامه إنك تدعو الله منذ ثلاث سنين بلسان بذئ وقلب عات غير نقية ونية غير صادقة فاقلع عن بذائك ولتتق الله بقلبك ولتحسن نيتك ففعل الرجل ذلك عاما فولد له غلام وفي الحديث القدسي فمنك الدعاء وعلى الإجابة فلا تحجب علي دعوة إلا دعوة أكل الحرام وعن النبي (صلى الله عليه وآله) من أحب أن يستجاب دعاؤه فليطيب مطعمه وكسبه وقال (عليه السلام) لمن قال ره أحب أن تستجاب دعائي طهر مطعمك ومأكلك ولا تدخل بطنك الحرام فبهذه وأمثاله قد لا يستجاب الدعاء نعوذ بالله من جميع ذلك قال وأسئلك أن تصلي على محمد وآله الطاهرين المعصومين لا سيما صاحب الأمر الذي هو في زماننا هذا إمام
صفحہ 64
مبين أقول لطف هذه العبارة غير خفي وهي غنية عن الشرح اللهم عجل فرج صاحب الأمر حتى يملأ الأرض قسطا وعدلا قال وبعد أيها الإخوان في الدين أيدكم الله وإيانا ولجميع المؤمنين أقول هذا تكريم وتعظيم ودعاء جعله الله وإيانا وجميع المؤمنين مع المتقين الذين نزلت فيهم إن المتقين في جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين وكأنه لو ترك لام (لجميع) لكان أولى قال فإن الأخبار التي نقلتموه عن كتب الحديث بعضها مطلق وبعضها مقيد ويجب حمل المطلق على المقيد كما بين في الأصول وقال الشيخ أبو جعفر رض في كتاب الإعتقادات اعتقادنا في الحديث المفسر أنه يحكم على المجمل كما قال الصادق (عليه السلام) وكيف لم يحمل المطلق على المقيد مع أن أكثر الأخبار خالية عن شرط الخطبتين وغيرهما من الشروط لمشروعيتها إجماعا أقول لا كلام في حمل الحديث المطلق على المقيد ولا نزاع في الخطبتين إنما الخلاف في أن صلاة الجمعة في حال الغيبة هل هي واجبة عينية أم تخييرية أم لا يجوز فعلها أصلا حجة القائلين بالوجوب العيني بوجوه الأول بعموم قوله عز وجل يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فإن الترغيب والتحثيث والتأكيد الذي فيها من النداء والتنبيه والتلطف والتكريم والتعميم والتبيين وتعقيب الأمر بالسعي إليها وتنويه
صفحہ 65
اسمها بذكر الله تعالى والأمر بترك البيع المنافي لها والإشارة بالإشارة المفيدة بعد درجتها ورفعة محلها والحكم بأنها خير عظيم لدينكم ودنياكم لدليلا واضحا وبرهانا باهرا لقوم يعلمون ولو أن علماء المعاني في البيان استبدلوا بها (1) وبسبحان الله أو أقم الصلاة تمثيل الإنكاري والابتدائي لكان كاشفا عن إعجاز القرآن بل السورة الكريمة من فاتحتها إلى خاتمتها تنادي وجوب الصلاة وتدعو إليها عموما مطلقا فما ثبت لها من شرط بدليل قاطع كالعدد والجماعة وجب قبوله وما لم يثبت كذلك فالأصل عدمه ونعوذ بالله من تضييعها بمجرد توهم عدم شرط لم يثبت
صفحہ 66
فيها فتكون من الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ونتوب إليه مما نسينا أو أخطأنا الثاني (1) بما في الصحيح عن زرارة قال حثنا أبو عبد الله (عليه السلام) على صلاة الجمعة حتى ظننت أنه يريد أن نأتيه فقلت نغدوا عليك فقال لا إنما عنيت عندكم نص على عموم الحث وأذن لكافة مواليهم وشيعتهم مطلقا على الفلاح بإقامة هذه الفريضة العظيمة فينبغي للمؤمنين الذين يطيعون الله ورسوله وأولوا الأمر أن يطيعوهم بما حثوهم ويقتدوهم بهدى الله الذي اقتدوه ليكونوا من حزبهم يوم الدين وفقنا الله وجميع المؤمنين الثالث (2) بما رواه زرارة قال قلت له يعني أبا جعفر (عليه السلام) على من تحب الجمعة قال تجب على سبعة نفر من المسلمين ولا جمعة لا قل من خمسة من المسلمين أحدهم الإمام وإذا اجتمع سبعة ولا يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم هذا الحديث صريح على وجوب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين قال ره في الاستبصار يتعلق الوجوب بالعدد إذا كانوا سبعة وأما إذا كان العدد خمسا كان ذلك مستحبا مندوبا إليه انتهى فكل من كان فطنا ذكيا حسن الادراك يفهم من قوله (عليه السلام) أحدهم الإمام ومن قوله أمهم بعضهم وخطبهم أن ليس المراد بالإمام إلا أحد من المسلمين يصلح أن يقتدى به وليس مختصا بالسلطان العادل كما توهمه وأنا أذكر الدليل على ذلك أن شاء الله
صفحہ 67
هو أن إطلاق إمام الصلاة في الروايات إنما هو لمن يصلي بالناس ويقتدى به سواء كان معصوما أولا وسواء كانت الصلاة جمعة أو جماعه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إمام القوم وافدهم فقدموا أفضلكم وقال رجل لأبي جعفر (عليه السلام) أني إمام مسجد الحي فأركع بهم وأسمع خفقان نعالهم وأنا راكع فقال اصبر ركوعك ومثل ركوعك فإن انقطعوا وإلا فانصب قائم وسأل جميل بن صالح الصادق (عليه السلام) أيهما أفضل يصلي الرجل بنفسه في أول الوقت أو يؤخر ليلا ويصلي بأهل مسجده إذا كان إمامهم قال يؤخر ويصلي بأهل مسجده إذا كان الإمام وسأل علي بن جعفر أخاه موسى (عليه السلام) عن إمام أحدث فانصرف ولم يقدم أحدا ما حال القوم قال لا صلاة لهم إلا بإمام فليقدم بعضهم فليتم بهم ما بقي منها وقد تمت صلاتهم أبو علي الحرانق قال كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأتاه رجل فقال صلينا في مسجد الفجر فانصرف بعضنا وجلس بعض في التسبيح فدخل علينا رجل المسجد فأذن فمنعناه ودفعناه على ذلك فقال (عليه السلام) أحسنتم ادفعوه عن ذلك وامنعوه أشد المنع فقلت له فأن دخل جماعة فقال يقومون في ناحية المسجد ولا يبدو لهم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل سبقه الإمام بركعة ثم أوهم الإمام فصلى خمسا قال يقضي تلك الركعة ولا يعتد بوهم الإمام فهذه الأحاديث وما في معناها تدل على أن الإمام في الصلاة شرعا من يقتدى الصلاة به كائنا من كان والمنكر مكابر
صفحہ 68