أما الخليفة فنظر إلى الجليس نظر استفهام عما جاء به، فأدرك هذا غرضه فقال: «جئت للسؤال عن صحة مولاي. فقد بلغني من الشريف أبي الحسن أنك أصبت بحمى. لا أصابك الله بسوء وأرواحنا فداك.»
فابتسم وقد استلطف عبارة الجليس وقال: «إني بدعائك وحسن نيتك قد زال عني كل بأس، جس يدي، قد ذهبت الحمى. ما الذي جئتنا به غير ذلك؟» فجس يده وأشار بعينيه إشارة الاقتناع وإن لم يقتنع وقال: «نحمد الله على ذلك.»
فقال الخليفة: «قل ما الذي جئتنا به؟» قال: «خيرا إن شاء الله.» وظهر في ملامح وجهه أنه يكتم شيئا لا يستحسن ذكره بين يدي سيدة الملك.
فأدركت ذلك ونهضت وقالت: «إذا كان وجودي يمنع الجليس من الكلام فإني خارجة.» فأمسك أخوها بثوبها وقال: «اجلسي. لست ممن يكتم عنهم، تكلم يا عماه ما الذي جئت به؟»
قال: «إني جئت بأمر ذي بال. هل تأذن أن أقول كل شيء؟»
قال: «قل ولا تخف. ما الذي أطلعك عليه أبو الحسن من مساعيه في سبيل مصلحتنا؟ إنه محب غيور.»
قال: «أصبت يا سيدي، إن أبا الحسن شديد الغيرة على منصب أمير المؤمنين، وهو ساع في إنقاذنا من هذا العدو المقيم.»
قال الخليفة: «سمعته يقول ذلك لكنه وعد بتفصيله. فهل فصله لك؟»
قال: «فصله تفصيلا أعجبني.»
فتوجه الخليفة نحو الجليس بلهفة وقال: «وما هو؟» •••
نامعلوم صفحہ