قال عبد الرحيم: «عرفت عنه أشياء كثيرة لا أقدر أن أبوح بها كما تعلم، لكنني أقدر أن أقول لك بأنه من أصحاب المطامع السياسية وهي التي ستجر إليه حتفه، ويظهر لي أنه أراد أن يشارك شيخنا سلطانه، أو أنه طلب منه أمورا لا يوافقه عليها. وهو يعرفه صغيرا فخاف إذا أغضبه أن يشيع عنه أمورا تقلل من هيبته فأحب التخلص منه. هذا هو الذي لحظته إلى الآن وسترى الحقيقة وأنت أولى مني بكشفها.»
فقال : «هذا أول يوم رأيته فيه، وقد صرفني ساعة الغروب وسأعود إليه في صباح الغد.»
قال: «هب أنه صرفك فيمكنك أن تبقى قريبا من منزله لعله يحتاج إليك أو لعلك ترى فرصة مناسبة للقيام بمهمتك.»
وكانا ماشيين وقد أخذت الظلال تتكاثف وأوشك الظلام أن يسدل نقابه. فقال عماد الدين: «إلى أين نحن ذاهبان الآن؟» قال: «إلى حيث تشاء.»
قال: «أحب أن أحادثك في بعض الأمور.» قال: «تعال إلى غرفتي، إنها على مقربة من هذا المكان.» ومشى حتى دخل الغرفة وفيها مصباح ضعيف أضاءه له بعض الخدم. فقال عماد الدين: «أحب أن نكون في خلوة.»
فأومأ عبد الرحيم إلى خادمه بالانصراف وقعد. وأشار إلى صديقه أن يقعد فقعد وهو يتنهد. فقال له عبد الرحيم: «ما لك يا صاحبي لماذا تتنهد؟»
قال: «أتنهد يا أخي لأني أشعر كأني في قفص لا أرى لي منه مخرجا، وقد أطعتك في كل شيء كما رأيت، ولا يمكنني أن أنكر صدق نصيحتك لي كل مرة. ولكنك تعلم أيضا أني لا أقدر على البقاء هنا طويلا، ولي في مصر أناس ينتظرون رجوعي و...» وسكت.
فأدرك عبد الرحيم ما يعنيه فقال: «أتريد أن تخرج من هذا الحصن؟»
قال: «نعم أريد ذلك. أرجو أن تساعدني عليه.»
قال: «وعدتك أني فاعل ما تريد ولكل أجل كتاب. إني مدبر طريقة لخروجنا كلينا.»
نامعلوم صفحہ