هز «أكوكاليا» رأسه قائلا: أتذكر جيدا يوم جئت هنا مع أبي لقطع الحشيش وجمع القش من أجل عمل سقف لنا، وما يبعث الدهشة في نفسي أن أهل أمي يطالبون بها اليوم.
إن كل شيء يرجع إلى الرجل الأبيض الذي يقول كما يقول رجل كبير لطفلين متصارعين بألا يتشاجرا في وجوده، فيبدأ أصغر الطفلين وأضعفهما في التباهي وإظهار قوته.
قال «أكوكاليا»: لقد قلت الحقيقة، مثل هذه الأشياء لم تكن تحدث أبدا وأنا صغير، لم تكن تحدث أيام أبي، نعم .. إنني أتذكر جيدا كل شيء.
ثم أشار بيده مستطردا: هذه الشجرة هناك. إنها شجرة «أيبينيب» التي حطمها الرعد ذات مرة، وجمع الناس القش من تحتها، ثم هرعوا إلى كل الاتجاهات.
كان أحدهم صامتا طوال الرحلة التي بدأت في الفجر، ولم يكن قد تحدث كثيرا، وفجأة قال: ماذا يجب أن تقول لهم؟ .. يجب عليهم - إذا كانت الأرض حقا أرضهم - أن يفسروا لنا كيف تركونا نزرعها ونجمع منها القش جيلا بعد جيل ولم يدركوا ذلك إلا بعد مجيء الرجل الأبيض.
أجاب «أكوكاليا»: ليس من حقنا أن نطرح أي سؤال سوى ما يريدون هم الإجابة عليه. أعتقد أنني أخبرتك بأن تكون حريصا فيما تقوله لهم، ودع الكلام لي .. إنهم قوم عنيدون بما فيهم أمي، ولكني أعرف ما يعرفون، فإذا ما أشار لك رجل من «أوكبيري» مناديا إياك، فهذا يعني أن تجري بكل قوتك، يجب أن تتعود طريقتهم في الحياة كي لا تقضي معهم وقتا طويلا وتشاركهم الحديث والطعام دون أن تفهم شيئا، وتكون مجرد شيء يطفو فوق سطح الماء. دعهم لي إذن؛ لأن الرجل الماكر حين يموت فإن أحدا لا يدفنه سوى رجل ماكر مثله.
وصل الرجال الثلاثة إلى «أوكبيري» في اللحظة التي فرغ فيها الناس من تناول إفطارهم، واتجهوا على الفور إلى «أدوزو» الذي يعد أقرب الناس إلى أم «أكوكاليا».
كانت «أوكبيري» تتوقع مثل هذه المبادرة من «أوموارو». وربما أدرك «أدوزو» هذا من وجوه الرجال المتجهمة، فسارع بسؤالهم عن أحوال الناس في قريتهم.
أجاب «أكوكاليا» بنفاد صبر: إنهم بخير، الجميع بخير. لكننا جئنا في مهمة عاجلة نود لو عرفنا رأي «أوكبيري» بشأنها الآن.
قال «أدوزو»: نعم، نعم، لقد تساءلت بيني وبين نفسي عن سبب مجيء ابني بصحبة اثنين من أهله كل هذا الطريق، وفي مثل هذا الوقت المبكر. لو أن أمك ما زالت تعيش لفكرت عندئذ أن شيئا ما قد أصابها.
نامعلوم صفحہ