عند مطلع الفجر التالي رحل «أكوكاليا» بصحبة رفيقين إلى «أوكبيري»، وكانت حقيبته المصنوعة من جلد الماعز تحوي بداخلها كومة كبيرة من الطباشير الأبيض، وقليلا من ورق النخيل الأصفر كانوا قد اقتطعوه من أعلى الشجرة قبل أن يعرضوه للشمس، وكل منهم يحمل سلاحه في غمده.
كان فجر يوم «إيك»، يوم السوق الشهير في «أوكبيري»، وكانت النساء أمام «أكوكاليا» ورفيقيه قد خرجن من كل القرى المجاورة في طريقهن إلى سوق «إيك»، وكثير منهن كن من «إيلوميلو» و«آبام» الشهيرة بصناعة أفضل أنواع الأوعية في كل أرجاء البلاد. كانت كل واحدة منهن تحمل خمسة أو ستة، وربما أكثر من تلك الأوعية وأواني المياه الكبيرة، مربوطة ببعضها بالحبال، في سلة كبيرة، بدت في ذلك الوقت من الفجر وكأنها أحد الأرواح ذات الرءوس الخيالية .. وبينما عبر رجال «أوموارو» تلك الحشود من نسوة السوق كانوا يتحدثون عن سوق «إيك» الكبير في «أوكبيري» وهؤلاء القوم ذاهبون إليه من كل أرجاء «إيبو» و«أولو».
قال «أكوكاليا» مفسرا: إنها قوى السحر القديمة. إن رجال «أوكبيري» عظماء في عالم السحر والدواء.
ثم استطرد بفخر: في البدء كان «إيك» سوقا صغيرا يبدو ضئيلا وخاليا بجانب الأسواق الأخرى المجاورة، حتى أقبل رجال «أوكبيري» ذات يوم على صنع إله قوي، يتولى رعاية سوقهم، وعندئذ كبر السوق، بل أصبح أكبر سوق في المنطقة. كان ذلك الإله امرأة عجوزا، وكان اسمه «واينيك»، وكانت المرأة العجوز يوم «إيك» من كل أسبوع تظهر في السوق قبل الفجر، تقبض بالمكنسة في يدها اليمنى، وتلف وتدور في رقصات سريعة وهي تشير بالمكنسة في كل الاتجاهات، فتجذب بذلك الناس من أرجاء الأرض. لم يكن الناس يذهبون للسوق قبل الفجر حتى لا يشاهدوا العجوز وهي ترقص .
قال أحد زملاء «أكوكاليا»: نفس القصة يقولونها على سوق «كوا» بجوار نهر «أومورو» الكبير؛ حيث انتشرت أعمال السحر، ولم يعد يوم «كوا» هو اليوم الوحيد للسوق.
أجاب «أكوكاليا»: لكن «أوموارو» لا تنافس «أوكبيري» في السحر. لقد أصبح السوق عندهم كبيرا؛ لأن الرجل الأبيض ذهب إلى هناك ببضاعته.
قال الزميل الآخر: ولماذا ذهب الرجل الأبيض ببضاعته إذا لم يكن بسبب السحر؟ .. لقد احتوت مكنسة المرأة العجوز العالم كله، بما فيه أرض الرجل الأبيض التي لا تشرق فيها الشمس أبدا، كما يقولون.
سارع الزميل الأول بالسؤال: هل حقا أن واحدة من نسائهم في «أوموارو» ذهبت بعيدا بدون القبعة البيضاء وأذابت زيت النخيل في الشمس؟
قال «أكوكاليا»: سمعت أيضا عن ذلك، لكن ثمة أكاذيب كثيرة عن الرجل الأبيض، فسمعت مثلا ذات مرة أنه لا توجد أصابع في قدمه.
كانوا عند الشروق قد وصلوا إلى الأرض المتنازع عليها. كانت أرضا جافة لم تعرف الزرع منذ سنوات عديدة، وكان الحشيش ذو اللون البني منتشرا بكثافة فوقها.
نامعلوم صفحہ