قال أحد الرجال: لقد نسي «إيزولو» أن يخبرنا عن الذي روى له حكاية الأرض .. هل كانت أمه أم أباه؟
علت الأصوات في المجلس واحدا بعد الآخر، وكان واضحا أن القرى الست بأكملها تقف خلف «واكا».
لم يكن «إيزولو» هو الرجل الوحيد في «أوموارو» الذي جاءت أمه من «أوكبيري»، لكن أحدا لم يجرؤ على الوقوف بجانبه ومساندته سوى «أوكوكاليا» فقط، الذي كان غاضبا ونافرا من اختياره لحمل الصلصال الأبيض وورقة السرخس إلى «أوكبيري» مسقط رأسه.
كان أكبر الرجال عمرا من نفس قرية «أكواكاليا» هو آخر من تحدث في ذلك اليوم .. كان صوته مهزوزا لكنه قوي، وعندما بادر بتحية المجلس دوى صوته واضحا في كل أركان سوق «كوا»، فأصابت كل رجال «أوموارو» الدهشة لمجهوده الكبير وصياحه.
قال بهدوء: يجب أن أنتظر قليلا حتى ألتقط أنفاسي تاركا الفرصة لهؤلاء الذين يضحكون، أريد أن أوجه حديثي إلى الرجل المبعوث إلى «أوكبيري» .. لقد مضى وقت طويل منذ قاتلنا في الحرب، وكثير منكم ربما لا يتذكر .. لا أقول بأن «أكوكاليا» في حاجة لمن يذكره ولكنني رجل عجوز، والرجل العجوز لا يملك سوى الكلام. إذا كان ينبغي على أصحاب البيت أن يهملوا عملهم فلا بد أنهم مخطئون في حق أصحاب الأرض. لقد عرفت مقدار غضب «أكوكاليا» من الطريقة التي تحدث بها، من حقه أن يغضب لكننا لن نرسله إلى موطنه من أجل القتال.
نظر إلى «أكوكاليا» قائلا: اخترناك مبعوثا لكي تضعهم أمام خيارين لا ثالث لهما، الحرب أو السلام.
ثم قال: هل أواصل حديثي إليكم يا شعب «أوموارو»؟
وافقوا بالإجماع حين استطرد: نتمنى ألا تختار «أوكبيري» الحرب؛ فلا أحد يحب الحرب. إذا اختاروا السلام فسوف نفرح كثيرا. وأيا ما كان ردهم واختيارهم فلا تتصد يا «أكوكاليا» لأي نزاع؛ فإن واجبك هو إبلاغنا بالرد فقط. نحن جميعا نعرف أنك رجل شجاع، لكنك هناك يجب أن تضع شجاعتك في حقيبتك. وإذا ما تسبب الرجال الذين معك في قلق يكون واجبك عندئذ أن تتصرف بشيء من اللباقة والحكمة. لقد ذهبت في شبابي للقيام بمثل هذه المهمة، وأعرف جيدا ما تنطوي عليه من إغراءات. أحييكم.
تملكت «إيزولو» الدهشة لكل ما رأى وسمع، وطافت فوق شفتيه ابتسامة ملؤها الحزن والتأثر، فهب واقفا على قدميه وكأن نحلة سوداء لسعته بين أردافه وقال: «أوموارو وينو». - هيم. - أحييكم جميعا.
قدم لهم التحية بوجه ساخط، ثم قال: عند وجود الجدي في البيت فإن الماعز لا تذهب بعيدا لتعاني آلام المخاض. هذا ما قاله أجدادنا. وإذن فما هذا الذي نراه ونسمعه هنا اليوم؟ إن بعض الناس خائفون والبعض الآخر متعطش للحرب، ولكن دعنا من هذا كله الآن، فإذا كانت الأرض هي حقا أرضنا فإن «أولو» سيقاتل في جانبنا، وإذا لم تكن كذلك فسوف نعرف. لم أكن راغبا في الحديث مرة ثانية اليوم إلى أن رأيت الشباب في بيوتهم يهملون واجباتهم. كان من الواجب على «أوجبوفي إيجونوان»، كواحد من أكبر ثلاثة رجال في «أوموارو»، أن يذكرنا بأن آباءنا لم يحاربوا من الخجل، لكنه بدلا من ذلك أراد أن يعلم مبعوثنا كيفية حمل النار والماء في فم واحد. ألم نسمع بأن صبيا أرسله والده للسرقة فلم يذهب خلسة ولكنه كسر الباب بقدميه؟ لماذا إذن يرهق «إيجونوان» نفسه بمثل هذه الأشياء الصغيرة بينما يتغافل الكبار؟ نحن نريد الحرب، ولن يتصرف «أكوكاليا» مع شعب «أوكبيري» هكذا، بل يستطيع أن يبصق في وجههم إذا أراد، إذا سمعنا عن سقوط بيت فهل يحق لنا أن نسأل عن وقوع السقف معه؟ أحييكم جميعا.
نامعلوم صفحہ