قلت: ولعل أحدث رسالة دكتوراه في هذا الباب وهي [مناهج المحدثين في نقد الروايات التأريخية] لأخينا الدكتور إبراهيم الشهرزوري هو أوسع ما كتب فيه. جمع فيه أخونا الشيخ ما ذكره أسلافه وأضاف إضافات قيمة أثرت هذا الموضوع ومن إضافاته أنه يرى الاستعانة بأصول الفقه والفقه نفسه في نقد الرواية التأريخية بالإضافة إلى قواعد الحديث.
ولقد لخص فكرة كتابه القيم بقوله: [إن هذه الرسالة محاولة متواضعة لوضع وجمع وترتيب جميع المناهج وقواعد المحدثين إضافة إلى قواعد الأئمة الفقهاء والمؤرخين وكل ما لا يسع المؤرخ جهله بما يتعلق بالتأريخ الإسلامي] ص 93.
ومن الأمور القيمة التي فطن إليها الشيخ الشهرزوري في رسالته هو تطبيق القواعد الفقهية على الروايات التأريخية إذ يقول [إن ربط التأريخ الإسلامي بمختلف العلوم الشرعية أمر لا بد منه لأنه تأريخ عقيدة وشريعة يختلف عن تأريخ بقية الأمم، وأن أي مسألة تأريخية قد ترتبط بمسألة عقدية أو شرعية، وقد تجد لتلك المسألة أصلا في العلوم الشرعية الأخرى كعلم العقائد والتوحيد والفقه أو أصول الفقه] ص 351.
ومن ثم ذكر إبراهيم الشهرزوري أمثلة عدة لاستخدام القواعد الفقهية على الروايات التأريخية كعامل مساعد في تحقيقها نذكر منها مسألة الخروج على السلطان وموقف أبي حنيفة من الخليفة العباسي، فبعض المصادر التأريخية تذكر أن أبا حنيفة قد بايع للخليفة العباسي علنا بينما كان يمد يد العون للخارجين عليه.
ثم يناقش الدكتور إبراهيم هذه المسألة من وجوه ويراها غير صحيحة للأسباب التالية:
1 - تعارض هذه الروايات مع القواعد الفقهية التي أقرها الإمام أبو حنيفة وبقية الفقهاء.
2 - تعارض هذه الروايات مع مرويات أخرى صادرة عن هؤلاء الأئمة والتي تفيد تعاونهم مع خلفاء المسلمين وعدم خروجهم عليهم.
صفحہ 51