محاكمة
والآن نقول للطوائف المتنازعة: فلتأت كل طائفة بما يدل أنها على الحق، هذا وبما أن النزاع في هذه الديار اليمنية بين السنية والزيدية، فلنقتصر على مناقشة حججهما.
فقالت السنية: الدليل على أننا أصحاب الحق، وأننا الفرقة الناجية، قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ((ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها هالكة إلا فرقة، فسئل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن بيان هذه الفرقة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: من كان على ما كنت عليه أنا وأصحابي)) وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ((لاتزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لايضرهم من خذلهم...إلخ))، ذكر هذين الحديثين في مختصر العقيدة الواسطية مستدلا بهما على ذلك.
ويستدلون أيضا بقولهم: إنهم هم أهل السنة والجماعة، والكثرة الغالبة، وأنهم أهل التوحيد، ومذهبهم مذهب السلف والخلف في كل عصر ومصر.
قلنا في الجواب:
أولا: الحديث الأول يدل على أن الفرقة الناجية هي من كان على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، وهذا صحيح لاشك فيه سواءا قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلم أم لم يقله، فمن كان على مثل ذلك فإنه مهتد بنص القرآن، ولكن الحديث لم يعين أنكم أيها المتسننون المقصودون، فغيركم يدعي كما تدعون، ويعتقد كما تعتقدون.
وثانيا: الحديث الثاني يدل على طائفة غير محددة وليس فيه أنكم الطائفة الناجية، وعلى الجملة فهذان الحديثان لا يدلان على ما ادعيتم لا من قريب، ولا من بعيد، فكل طائفة تقول أنها على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، وأنها الطائفة الظاهرة بالحجة على من سواها، فما زلتم في حيز الدعوى.
صفحہ 1