وحفلت أعداد الجريدة الأولى بالمقالات في الشئون القومية يكتبها رئيس تحريرها، وبدأت تروج للمعاهدة العراقية البريطانية الجديدة من مبدأ حياتها.
وكثر الأخذ والرد بينها وبين الصحف المعارضة؛ فحدثت مناوشات حادة بين «صدى العهد» وبين جريدة «البلاد» وجريدة «صدى الاستقلال».
والمعروف في ميداني الصحافة والسياسة أن المعارضة هي التي توصف بطول اللسان والجرأة في الكتابة. أما الحكومة وألسنة الحكومة الصحفية فاللياقة تقضي بأن تتحرج في كتاباتها وتتزن في أقوالها، غير أن «صدى العهد» خالفت هذا العرف أحيانا، فسبت وقذفت في خصوم سياستها والمعارضين لحزبها، من ذلك قولها في عددها يوم 15 تشرين الأول (أكتوبر) سنة 1930:
استقبل بعض المغرضين حزب العهد العراقي بشيء كثير من التهجم والدناءة، ونشروا شيئا من سخائم نفوسهم حول هذا الحزب، وهم أفراد يعدون على الأصابع، ولو تأملت قليلا في ماضيهم وحاضرهم وما انطوت عليه نفوسهم من الخبث واللؤم والشهوات والأغراض، لتجلى لك خطر هؤلاء المهازيل على الوطن وآماله وأمانيه.
هذا نموذج من تعابيرها ولم تتورع في هذا المقال من أن تنعت خصومها «بالزعانف» و«العلوج».
وقد تكون «صدى العهد» أول جريدة عراقية طالبت بتضييق الخناق على الصحافة وطعنت في «قانون المطبوعات» النافذ وحسنت تعديله؛ لأنه يمنح حرية واسعة للصحف!
والمتصفح لجريدة «صدى العهد» في أشهرها الأولى يجدها تحبذ بحماسة الهتلرية، وتتمدح الروح الجرماني، وتدعو إلى إرسال البعثات العلمية إلى ألمانيا، وتطنب في الثناء على موسوليني وتكبر الفاشستية.
كما أن صحيفة «حزب العهد» خدمت الفكرة القومية، وقامت بنشر تعاليم النهضة العربية بزعامة البيت الهاشمي، وكان لها في تأييد «مشروع توحيد العرشين» بين العراق وسوريا كتابات كثيرة.
وقد ترك عبد الرزاق الحصان الجريدة بعد 19 كانون الأول (ديسمبر) سنة 1930، فانتقل امتيازها إلى عبد الهادي الجلبي واشتغل في التحرير فيها توفيق السمعاني، واهتم الحزب بتأسيس مطبعة خاصة لجريدته.
وشغلت «صدى العهد» نفسها بالحملات العنيفة على الحزبين «الحزب الوطني» و«حزب الإخاء الوطني» تعاونها جريدة «العراق» في هذا المجال، واستمرت الجريدة على الصدور حتى بعد سقوط الوزارة السعيدية وتأليف ناجي شوكة وزارة جديدة يوم 3 تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1932 وقيام هذه الوزارة بحل المجلس النيابي وتكوين مجلس جديد، إلا أنها في خلال عملية الانتخابات النيابية لم تتعرض للحكومة بسوء، إنما واصلت تهجمها على «حزب الإخاء الوطني»، ولكنها بعد أن أسفرت نتيجة الانتخابات عمدت «جريدة حزب العهد» إلى معارضة الوزارة الشوكتية فعطلتها الحكومة.
نامعلوم صفحہ