وبتلك الحكمة والوسطية استطاع الإمام زيد أن يجمع تحت رايته كوكبة من كبار علماء المسلمين سنة وشيعة ومعتزلة وغيرهم، حتى قيل: «لم يكن الزيدي أحرص على بيعته من المعتزلي، ولا المعتزلي أسرع إليها من المرجئي، ولا المرجئي من الخارجي، فكانت بيعته مشتملة على فرق الأمة مع اختلافها»(1).
وعندما نراجع أسماء أنصاره ومبايعيه نجد قائمة طويلة من كبار العلماء الذين عليهم مدار رواية الحديث في الصحاح والمسانيد، مثل: منصور بن المعتمر، وزبيد اليامي، وسلمة بن كهيل، وهشيم بن بشير، وغيرهم، فضلا عن فضلاء الشيعة والمعتزلة والخوارج.
ومن النصوص الدالة على وسطيته واعتدال موقفه من الخلفاء الروايات التالية:
* روى شيخ الزيدية وحافظهم أحمد بن الحسن الكني، عن الإمام زيد بن علي أنه قال: «كانت منزلة علي بن أبي طالب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منزلة هارون من موسى، إذ قال له: ?اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين? (الأعراف/142). فألصق كلكله(2) ما رأى صلاحا، فلما رأى الفساد بسط يده، وشهر سيفه، ودعا إلى ربه، وبين أنه كان خليفة محمد، كما كان هارون خليفة موسى»(3). وهذا يعني أنه سكت أيام الخلفاء؛ لأنه لم ير ما يوجب القطيعة والمباينة.
صفحہ 50