صفوة الاختيار في أصول الفقه
صفوة الاختيار في أصول الفقه
اصناف
مسألة:[الكلام في اعتدال القولين عند المفتي]
وإذا اعتدل القولان عند المفتي وكان ممن يرى أنه لا بد من ترجيح بينهما يتميز به أحدهما على الآخر ولا يجوز استوائهما من كل وجه وجب عليه معاودة النظر حتى يرجح عنده أحدهما فيفتي به.
وإن كان ممن يرى جواز الإعتدال في الأمارات وهو الذي اخترناه وكان يرى الإطراح عند التساوي كما قلنا وصححناه أيضا لم يكن له أن يفتي بواحد منهما بل الواجب عليه الرجوع إلى ما سوى الأمارتين المعتدلتين من الطرائق الشرعية إن وجد ذلك، وإلا رجع إلى طريقة العقل فأفتى بحسب ما يؤديه اجتهاده إليه من جهة العقل.
وإن كان ممن يرى القول بالتخيير عند التساوي؛ فقد ذكر قاضي القضاة في الشرح أن له أن يفتي بأيهما شاء، وذكر قولا آخر وهو أنه إنما يفتيه بما يراه والذي يراه هو التخيير فينبغي أن يفتيه بلفظ التخيير ولا يفتيه بأحد الأمرين على القطع والبتات.
وكان شيخنا رحمه الله تعالى يقول: إن الأول أولى، وهو الذي نختاره، ويحتج له: بأنه يجوز للمفتي أن يعمل بأي القولين شاء، فكذلك يجوز له أن يفتي بأيهما ولا يجب عليه تخيير العامي بينهما.
وعندنا أن قول القاضي آخرا أولى؛ لأن التخيير حكم زائد على أحدهما ويتعلق به من الفائدة ما لا يتعلق بأحدهما من توسعة التخيير، ولا شك في أنه يلزمه أن يفتي على الوجه الصحيح عنده، والصحيح عنده التخيير فيفتي المستفتي بالتخيير ليطابق هواه اعتقاده، وذلك هو الواجب، ويكون العامي مخيرا في العمل بأيهما شاء كما المفتي مخير، ولو أفتاه بأحدهما على وجه القطع لكانت فتواه مخالفة لمذهبه، وذلك لا يجوز.
صفحہ 380