صفوة الاختيار في أصول الفقه
صفوة الاختيار في أصول الفقه
اصناف
وهكذا حال دعوانا في الإجماع على العمل على خبر الآحاد فإنا وإن لم نعلم بكل خبر على انفراده مما ذكرنا من الأخبار أن الصحابة عملت عليه ورجعت له عن غيره، فقد علمنا على سبيل الجملة أنهم رجعوا إلى أخبار الآحاد وتعرفوا منها قضايا الحوادث وأحكامها، فصح ما ادعيناه في هذه المسألة من ورود التعبد بخبر الواحد من الطرق التي ذكرنا.
مسألة:[الكلام في خبر الواحد متى يعمل عليه]
كان الشيخ أبو علي رحمه الله تعالى لا يقبل في باب المعاملات والعبادات إلا خبر الإثنين، ولا يقبل في باب الزنا إلا خبر الأربعة، وظاهر هذا القول كما ترى يدل على أنه ألحقه بباب الشهادة، وأحسب أن شيخنا رحمه الله تعالى ذكر لنا ذلك عنه في التدريس.
قال شيخنا رحمه الله تعالى: وكان لا يعمل على خبر الواحد إلا إذا وقع على وجوه:
أحدها: أن يعمل به بعض الصحابة، أو يكون منتشرا فلا ينكر، أو يعضده ظاهر معلوم، أو يؤيده قياس.
واتفق أكثر القائلين بجواز العمل على خبر الآحاد على قبول خبر الواحد وإن لم يروه غيره.
وهذا الذي نختاره، وكان شيخنا رحمه الله يذهب إليه.
والذي يدل على صحته: ما تقدم في المسألة الأولى من عمل الصحابة على خبر الواحد، وإن لم يروه سواه، كخبر عبد الرحمن في قصة المجوس، وحمل بن مالك في دية الجنين إلى غير ذلك مما يكثر تعداده، وكانوا بين عامل به وراجع إليه ومقر عليه، فكان ذلك إجماعا، والإجماع حجة على ما يأتي بيانه في باب الإجماع إن شاء الله تعالى.
صفحہ 181