صفوة الاختيار في أصول الفقه
صفوة الاختيار في أصول الفقه
اصناف
وأما أنه لا يجوز العدول عن المعلوم إلى المظنون، فلأنا تعبدنا بالتحفظ في الأمر من العبادة وغيره، والإستقصاء في حاله حتى يصل إلى العلم أو يقاربه فيما لم نجد إلى العلم به طريقا، ومن ذلك لم يجز لنا العدول عن النص إلى القياس والإجتهاد؛ فإذا حصل العلم المحض لم يجز العدول عنه إلى الظن، ولأن الصحابة رضي الله عنهم ردت أخبار الآحاد فيما عارضت فيه الكتاب والسنة، فقال عمر في حديث فاطمة بنت قيس لما روت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قضى لها بالنفقة دون السكنى ، وكانت مبتوتة، فقال: (لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت)، ولم ينكر عليه أحد من العترة الطاهرة ولا من غيرهم، فكان إجماعا، والإجماع آكد الأدلة.
مسألة:[الكلام في عدم جواز نسخ القياس بالقياس]
حكى شيخنا رحمه الله تعالى أن نسخ القياس لا يجوز بالإتفاق، ولا يحصل من ذلك إلا إزالة الحكم الثابت بالقياس، فأما إزالة القياس نفسه فذلك لا يصح فضلا عن جوازه، وكان رحمه الله تعالى يعلل المنع من إزالة القياس: بأنه حكم عقلي، ووجه ما وقع عليه الإتفاق أن نسخ الحكم الثابت بالقياس مع زوال علته على الحد الذي يؤثر فيه لا يجوز، لأنه مناقضة في التعليل وإزالته بزوال علته لا يكون نسخا للقياس؛ لأن القياس غير العلة على ما يأتي بيانه في بابه إن شاء الله تعالى.
مسألة:[الكلام في النسخ بالقياس]
ذهب جمهور العلماء إلى أن النسخ بالقياس لا يجوز، وحكي عن بعض الشافعية خلافه.
والذي يدل على الأول: أن القياس إنما يصح استعماله بشرط عدم النص، فإذا وجد النص لم يصح استعماله فكيف يصح النسخ به؟!
صفحہ 157