صفوة الاختيار في أصول الفقه
صفوة الاختيار في أصول الفقه
اصناف
ثم لو قدرنا صحته لوجب تأوله؛ لأن نبينا صلى الله عليه وآله قد صحت نبوته بما لا سبيل إلى دفعه من المعجزات، ثم قد علمنا من دينه ضرورة أن شريعته نسخت جميع الشرائع والملل، وأنه يجب على أهل الكتاب اتباعه، ويحرم خلافه، ولذلك كان يدعوهم إلى اتباع دينه ورفض ما هم عليه.
وروي أنه قال: ((لو كان أخي موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي))(1)، فلو صح ما قالوه عن موسى لأدى إلى كون أحد الصادقين كاذبا، وكون أحد الحقين باطلا، وذلك لا يجوز، فما أدى إليه قضي ببطلانه، والكلام في حكم الأخبار المنقولة عن الأنبياء عليهم السلام وما يجب المصير فيه إلى العلم من الأخبار وما لا يجب يأتي في موضعه من باب الأخبار فيما بعد إن شاء الله تعالى.
مسألة:[الكلام في أنه هل يجوز ورود النسخ على ما لم يرد
الإشعار والتنبيه على نسخه أم لا؟]
اختلف أهل العلم في أنه هل يجوز ورود النسخ على ما لم يرد التنبيه من الله سبحانه وتعالى على نسخه أم لا يجوز إلا فيما علم ورود التنبيه على وقوع نسخه على الجملة؟
فمنهم من جوز النسخ إن لم يقترن بالمنسوخ التنبيه على النسخ والإشعار به في الجملة وهو قول جمهور الفقهاء والمتكلمين، وهو الذي نختاره.
وذهب بعضهم إلى أن ذلك لا يجوز، وحكاه شيخنا رحمه الله تعالى عن أبي الحسين البصري وهو الذي كان يعتمده.
ويحتج لصحته بأن الخطاب إذا ورد من الحكيم سبحانه في وجوب أفعال أو تروك من غير تحديد ولا توقيت، فإنه يجب على المكلف اعتقاد وجوبها عليه على وجه الإستمرار، فلو نسخها عنه سبحانه بعد ذلك لكان مغريا له باعتقاد الجهل، وذلك عليه لا يجوز، فلم يجز نسخ ما لم يشعر بنسخه في الأول، فعلى هذا بنى رحمه الله احتجاجه.
صفحہ 144