أنبياءُ الهدى وخيرةُ خلقِ الله ... والأعظمونَ طرًَّا خلوما
فتنتْ صاحبَ الزبورِ في المحرابِ ... إذا ظلَّ للصلاة مقيما
ذاتَ فرعٍ بدتْ تحلَّل منها ... بدنًا ناعمًا وكشحًا هضيما
وتراءت على الوليِّ فتاةٌ ... فتنتْ بالجمالِ إبراهيما
ولقدْ همَّ يوسفْ بالذي هم ... وقد كان طاهرًا معصوما
ولقد تيمتْ فؤاد رسول الله ... عرسٌ بنت حارث تتييما
أحمد المصطفى، فمن أنا حتَّى ... تنكري أنْ أكونَ عبدًا سقيما
إنما أكثري التعجُّب ممن ... كان من فتنةِ النساءِ سليما
ولآخر:
ولائمٍ لامني في الحبِّ قلتُ له ... يا أعظمَ النَّاس فيما لامني حمقا
أنا شرَّعتُ الهوى وحدي فتعذلني ... هذا نبيُّ الهدى داوُد قد عشقا
كان يقال نِعم حاجب الشهوات غض الأبصار. ونعم قرين المرء الصمت واستقلال الكبير يعرض التعبير، قيل أنه أشير على أعرابية بالتزوج فأنشدت: [مجزوء الكامل]
لا تأمروني بالرزالِ فإنَّني ... أريدُ كرامَ القومِ أو أتبتَّلُ
أريد فتىً لا يملأُ الهولُ صدرهُ ... يعودُ علينا حلمهُ حين يجهلُ
حكي أنه لقي الرشيد موسى بن جعفر بن محمد بن علي بالمدينة، وكان موسى على بغلة، فاستنكر ذلك الرشيد، وقال للفضل: قل له ما الذي دعاك أن تلتقي مع أمير المؤمنين بهذه الركبة؟ فقلت له كيف تلقيت أمير المؤمنين على هذه الدابة، التي أن طلبت عليها لم تلحق، وإن طلبت عليها لم تسبق قال لست بحيث أُطلب، ولا أطلب ولكنها دابة تنحط عن خيلاء الخيلاء، وترتفع عن ذلة الغير، وخير الأمور أوسطها.
وكان الأفضل الرقاشي يؤثر ركوب الحمار. فقيل له: إنك يؤثر ركوب الحمار، فقال: هو أجمع الدواب تركب، ويتمهل، وهو أسهل الدواب مرتقى، وأيسرها سقطة، وأهونها غيبًا، وأيسرها دراء، يترافع به الجليل، ويتواضع به الناسك، فراكبه تارة كراكب الفرس، وتارة كالماشي، ويقوم به الإمامة اللكما، والعبد الأخرق.
قال الأصمعي: رؤي عمر بن العاص راكبًا على بغلة قد شمط وجهها هرمًا، فقل له: لم تركب هذه، وأنت على فاخرة مصر؟ فقال: إني لا ملك عندي لدابتي ما حملت رجلي، ولا صديقي ما كتم سري، ولا لمرأتي ما أحسنت عشرتي، إن الملك من كواذب الأخلاق.
كان لبعض الظرفاء امرأة كبيرة، تحبه، وتأتي إليه، وتمنعه من التفسح، والمداعبة مع النساء وتظهر الغيرة عليه، فأضجرته، وأكثر عليه بذلك، فكتب إلى أبي الفتوح عبد الرحمن بن عبير الهيثم أن يعمل في ذلك شعرًا، فقال: [الطويل]
ومن عجبِ الأيَّام شمطاءَ قاعدٌ ... تحاول مني الوصلَ، وهي تغارُ
إذا أنستني، أوحشتُ منْ أحسبُّهُ ... في من ندايتها إلى نفارُ
وفي مثلها يُهوى الجفا، وهو مظلمٌ ... ويُكرهُ ضوءُ الوصل، وهو نهارُ
لبدر بن صدقة بن منصور بن دبيس بعدما قتل أبوه وملكت دياره: [مجزوء الكامل]
يا غاديين من الشا ... م إلى العراق بشمالي
إنّ الأمانة لا تطي؟ ...؟ق لحملها صمُّ الجبالِ
إن جئتم الحللَ الرحا ... مَ ومركز الأمل الطوال
ووقوفًا مزدحمِ الوف؟ ... ود بباب أبلج كالهلالِ
قولا لساكنها المؤي؟ ... د بالبشاشة والجمالِ
مالي أرى السعدي من ... جيش الفتى المصريِّ خالِ
والقبةُ البيضاء في ... نقضٍ وكانت في كمالِ
يا صدقُ لو صدقوا رجا ... لك مثلَ صدقك في النزالِ
أو يحملون على اليمين كما ... حملت على الشمالِ
دامت لهم عربي؟ ...؟ة تبقى على مرِّ الليالي
لكنَّهم قرُّوا وما ... كرُّوا فتيًا للعبيد مع الموالي
بأرنو هل خطر وإلا ... ولا خطروا ببالي
قالوا فقد قبلوا فقل ... ت إلى الجحيم ولا أبالي
للقتل يصلح كلُّ من ... ما كان يصلح للقتالِ
قيل لبعضهم: ما العيش؟ فقال: إقبال الزمان وعز السلطان، ومعاشرة الكرام من الخلان.
وكان ابن بسام ملقى من حجاب الوزراء، وكان يقصدونه بالحجاب، فحضروا يومًا باب القاسم بن عبد الله في أيام وزارته فحجب، فقال: [الكامل]
إنّي أتيتكَ زائرًا ومسلِّمًا ... ولكي أقوم ببعض حقِّ واجب
1 / 52