قال أهل الحديث: قراءة القنوت في صلاة الصبح سنة، وتركه سنة، ومع هذا لا ينكرون علي من يواظب علي ذلك، ولا يعدونه مبتدعا ولا تاركاللسنة بل يقولون: من قنت فقد أحسن، ومن ترك فقد أحسن. والدلائل علي الطرفين كثيرة. ولما كان القصد بيان الطريقة النبوية اقتصرنا علي ذلك.
فصل في نسيان الرسول ﷺ في الصلاة
من جملة منن الحق تعالى ونعمه على الأمة المحمدية، أن النبي ﷺ كان يسهو في الصلاة أحيانا، لتقتدى الأمة به في التشريع، وإذ ذلك كان يقول: "إنما أنا بشر أنسي كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني" (١) وقال: "إنما أنسي - أو أنسي - يعني لأسن ما شرع في حيز ذلك" ثبت في الصحيحين أنه كان في صلاة الظهر ولم يشرع في التشهد بل قام إلى الثالثة، فسبحت الصحابة رضي الله تعالي عنهم، فأشار إليهم بيده أن قوموا، ولما فرغ من التشهد الثاني، أتى بسجدتين، ثم سلم بعد ذلك فعلم من هذا: أن من نسى شيئا من الصلاة غير ركن يسجد للسهو سجدتين، وإذا شرع في ركن لا يرجع إلى ما كان نسيه (٢).
ونوبة أخرى في صلاة العصر أو الظهر سلم في الركعة الثانية، وتكلم، ثم ذكر فأتم وأتي بسجدتين بعد السلام وكبر بينهما وسلم (٣) بعد ذلك أيضا.
_________
(١) متفق عليه رواه البخاري في كتاب السهو، باب صلي خمسًا حديث رقم (١٢٢٦) فتح الباري (ج ٣ ص ٩٣ - ٩٤)، ومسلم في كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة والسجود له حديث رقم (٥٧٢ - ج ١ ص ٤٠٠ - ٤٠١ - ٤٠٢ - ٤٠٣)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب إذا صلي خمسًا حديث رقم (١٠١٩، ١٠٢٠، ١٠٢١ - ج ١ ص ٢٦٨، ٢٦٩)، والترمذي رقم (٣٩٢، ٣٩٣ - ج ٢ ص ٢٣٨، ٢٣٩)، والنسائي (ج ٣ ص ٣١ - ٣٣) في كتاب السهو، باب ما يفعل من صلي خمسًا.
(٢) رواه أبو داود بنحوه في كتاب الصلاة، باب من قال بعد التسليم حديث رقم (١٠٣٣ - ج ١ ص ٢٧١). والنسائي (ج ٣ ص ٣٠) في السهو باب التحرى، وأحمد في المسند رقم (١٧٤٧ - ١٧٥٢ - ١٧٥٣ - ١٧٦١).
(٣) انظر مسلم في كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة والسجود له حديث الباب رقم (٩٥).
1 / 46