بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة المؤلف
بعد الحمد والثناء على حضرة ذي الكبرياء، والصلاة بلا نهاية على رئيس الأنبياء، وخلاصة الأصفياء، وآله وأصحابه الأتقياء، وعلى أرواح التابعين من الصالحين الأولياء.
فلتعلم طائفة الأحباب والأصحاب، وزمرة العقلاء من ذوي الألباب، أن طريق الحق، الذي هو الصراط المستقيم، من أجل أن غاية ذلك هو الحق جل شأنه، أشرف الطرق وأجلها، وأنور السبل، وأكملها، وسلوكها بغير متابعة هاد ماهر، وخريت (١) باهر، لا يمكن بل لا يتصور. لا جرم أن من تشرف بدرك هذا المعنى، علم أن اتباع سيرة رئيس الهداة، وكبير من اختير من حضرة الرحمن محمد المصطفى ﷺ، والاهتداء بسنة جنابه المقدس، هو سبب النجاة الأبدية، وموجب القرب والوصول إلى الحضرة الربانية.
ولا وسيلة منها أشرف ولا طريقة منها أقرب، ومصداق ما قلنا قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١)﴾ (٢) ومفهوم الكلمة الجامعة النبوية "الدين النصيحة" (٣) ألجأني إلى امتثال إجابة ملتمس كبير من الذرية المقدسة النبوية،
_________
(١) الخريت: الدليل الحاذق بالدلالة. كأنه ينظر إلى خرت الإبرة. قال رؤبة العجاج:
أرمي بأيدي العيس إذ هويت ... في بلدة يعيا بها الخريت
(٢) سورة آل عمران آية رقم ٣١.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه برقم (٥٥)، وأخرجه أبو داود في سننه برقم (٤٩٤٤)، أخرجه النسائي في سننه (ج ٧ ص ١٥٦)، وأورده النووي في رياض الصالحين (ص ١٢٤ برقم ١/ ١٨١). والحديث أخرجه مسلم وغيره كاملًا بلفظ: "الدين النصيحة" قلنا لمن؟ قال: "لله ولكتابه لرسول ولأئمة المسلمين وعامتهم" عن تميم بن أوس الداري.
وأخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان (باب قول النبي ﷺ): "الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ... (ج ١ ص ٢٢) عن زيادة بن علاقة. بنحو ما أخرجه مسلم، وأخرجه من وجه آخر عن قيس أبي حازم، عن جرير.
1 / 19