صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل
صفحات من صبر العلماء
اصناف
فقلت لمسئول المكتب في بيروت: يلزمكم أن تسفروني إلي دمشق كما هو الاتفاق , فقال لي: آسف أنه لا يوجد لدينا مسافرون غيرك , ولعلك تعذرنا؟ ونحن نكتفي منك بمقابل ذلك بالأجرة التي أخذناها منك , فقلت له: أنظر في أمري , ولم يكن بقي معي شيء من المال ,وليس لي معارف في بيروت يسهل علي الاقتراض منهم , ففكرت: كيف أنام هذه الليلة؟ وكيف أسافر غدا؟ @ ولا درهم ولا مال بيدي! فضاقت علي نفسي , ثم استفتحت الله تعالي الخير وكشف الغمة.
ثم تذكرت أن لي قريبا من الأرحام في بيروت , بعد عهدي بلقائه , ولا أتذكر بالضبط موضع سكنه, فجعلت أستذكر الحي الذي يقطن فيه , وأمشي فأسأل عنه حتي اهتديت إليه بعد المغرب بكثير , فاستقبلني ورحب بي, وفرح بقدومي كثيرا , وبادر إلي قائلا: لدي مئتا ليرة سورية أريد إرسالها إلي حلب من نحو شهر ولم يتيسر لي أحد ,فهل تتكرم باصطحابها معك وأكون لك من الشاكرين؟ فقلت له: نعم وبكل سرور , وأخذتها ونمت عنده , وأصبحت وقد ذهب الغم عني , وأعقبه اليسر والارتياح الغامر بما يسر الله لي وأذهب عني من الهم والغم , فالحمد لله الذي لا ينسي عباده , ويدبر الأمر بحكمته وعلمه وهو اللطيف الخبير.
أنتقل بعد هذا إلي:
الجانب السادس في أخبارهم في فقد الكتب أو بيعها أو نحو ذلك عند الملمات والكتب من حياة العالم تحل منه محل الروح من الجسد والعافية من البدن وسنري من أخبارهم في فقد الكتب أو تلفها أو احتراقها العجب العجاب , وقد أأكثروا القول في انتكابهم بها ,وأجتزئ مما قالوه باليسر:
116- وهذا القاضي الجرجاني (أبو الحسن علي بن عبد العزيز) , يذكر موقع الكتاب من نفسه ومن لذاذة حياته , فيقول كما في ترجمته في (وفيات الأعيان) 1: 325م
صفحہ 94