وضحكت ضحكة ساحرة، وقالت: أنا ... وأي مانع ... تفضل ...
وتفضلت فدخلت الكابين، وخلعت ملابسي، وارتديت لباس البحر المخطط، وخرجت لكي أتلقى تعليقات الأصدقاء الثلاثة المضحكة، وما لبثت أن دخلت هي أيضا إلى الكابين، وخرجت بعد دقائق ترتدي المايوه المتهدل كأنه غضون في جسد عجوز جاوزت المائة، وجرت إلى الماء، وسرت أنا في وقار الخجل حتى لحقت بها، وأخذنا نضرب في الماء صامتين، وقالت سامية، وهي تجمع خصلات شعرها خلف رأسها: إن الماء لذيذ جدا في ساعة الغروب.
وأجبت، وأنا أنظر إلى جسدها البديع: لقد شرب كل حرارة الشمس في النهار، ولم يفقدها بعد، قالت: إني أحب دائما حمام الصباح الباكر، وساعة الغروب ... إن البحر يكون هادئا ودافئا ... أما ساعة الضحى والظهر فإنه يكون كحلقة السمك ...
ولفت نظري تعبيرها الأخير فقلت: أنت من الإسكندرية؟ - لي فيها الآن أربع سنوات ... أنت من الإسكندرية؟
وأجبت: أبدا ... سأعود بعد أسبوع واحد إلى القاهرة ...
وقضينا نصف ساعة في الماء وخرجنا، فهرولت هي إلى داخل الكابين، وجلست أنا على مقعد خشبي حتى ارتدت ملابسها وعادت، فدخلت بدوري ... وكنت أصلح رباط رقبتي أمام المرآة حين دخل عبد السلام ليقول لي: سنترك لك مفتاح الكابين؛ لأننا ذاهبون إلى سيدي بشر.
ووجدتني أجيب: وسامية؟
وأسرع عبد السلام يجيب ضاحكا: متخافش يا عم ... سنتركها لك ... حلال عليك ... إن لدينا موعدا مع ثلاثة أقمار. - تتركها لي ... لكنني ... - لكنك ماذا؟ تصرف يا أستاذ.
ودعوني الآن أقص عليكم كيف تصرفت ذلك المساء ... جلست أنا وسامية أمام الكابين نصف ساعة حتى أوشكت الشمس على المغيب، وظل عقلي يبحث عن الطريقة المثلى لقضاء ليلة ممتعة، وأعترف هنا أن ليالي الممتعة ... إلى تلك الليلة، لم تكن تتعدى سهرة على شاطئ النيل مع فتاة أحببتها ... سهرة تمتد حتى الساعة العاشرة والنصف، نئوب بعدها إلى منازلنا، حتى برمت الفتاة بسهراتي وملتها، فهجرتني برسالة وداع رقيقة معتذرة أن أهلها اكتشفوا السر وعرفت بعد ذلك أنها هي التي اكتشفت السر... أن حبي لها لن يستطيع أن يجلب إلى أذنيها وجيدها تلك الحلى التي رأيتها تتحلى بها بعد ذلك بشهور في صحبة شاب وارث يؤمن بالجدران الأربعة أكثر من إيماني أنا بشاطئ النيل السعيد، وللمصادفة المحضة أن النيل لا يصل إلى الإسكندرية، وأن سامية لم تقع في نفسي موقع فتاتي الأولى التي كان يخيل إلي كلما جلست معها، أني في حلم سعيد ...
ولذلك قلت: هل تمانعين في أن نذهب إلى السينما؟ - لا أمانع لكن لاحظ شيئا ... أريد أن أكون في منزلي قبل منتصف الليل ...
نامعلوم صفحہ