عادت آفريل من العشاء معها كعكات وفواكه.
قالت باجز: «رائع، سأتناولها لاحقا.»
كان عليها أن تنام مستندة إلى شيء ما.
قالت آفريل: «ربما لدى الممرضة أسطوانة أكسجين.» لم يكن هناك طبيب على متن السفينة، لكن كان هناك ممرضة. لم ترد باجز أن تأتي الممرضة. لم تكن في حاجة إلى أكسجين.
قالت عن نوبات السعال التي تنتابها: «ليست سيئة، ليست سيئة مثلما تبدو. مجرد نوبات بسيطة. كنت أتساءل: هي عقاب عن ماذا؟ بالنظر إلى أنني لم أدخن قط. حدثت نفسي أن ذلك ربما يرجع إلى غنائي في الكنيسة وعدم إيماني؟ لا. أعتقد ربما بسبب أغنية «صوت الموسيقى». ماريا. الله يكرهها.» •••
كانت آفريل وجينين تلعبان البوكر في الأمسيات مع الفنان والمساعد الأول - النرويجي الجنسية - للربان. كانت آفريل تذهب إلى سطح السفينة بضع مرات لتطمئن على باجز. كانت باجز نائمة أو تتظاهر بأنها نائمة، الفواكه والكعكات إلى جانب فراشها لم تمس. كانت آفريل تخرج من اللعبة مبكرا. لم تكن تذهب إلى الفراش مباشرة، على الرغم من أنها فعلت كل ما في وسعها كي تتعب ويلح عليها النعاس بشدة بحيث لا تستطيع حتى فتح عينيها. كانت تنسل إلى الكابينة لأخذ الكعكات التي لم تؤكل، ثم تخرج إلى سطح السفينة. كانت تجلس إلى المقعد الذي يوجد تحت نافذة الكابينة. كانت النافذة مفتوحة دوما على مصراعيها في نسيم الليل الدافئ الساكن. كانت آفريل تجلس هناك وتأكل الكعكات في هدوء بقدر ما تستطيع، وهي تقضم في حذر الحافة المقرمشة اللذيذة. كان هواء البحر يجعلها جوعانة مثلما كان من المفترض أن يكون الأمر. إما هذا أو أن ما يجعلها جوعانة هو التوتر الناجم عن وجود شخص واقع في حبها بالقرب منها. في ظل هذه الظروف كان وزنها يزداد عادة.
كانت تستطيع سماع صوت نفس باجز؛ اضطرابات وتوقفات قصيرة، ونوبة تسارع غير منتظمة، وتعثر، وشخير، ولهاث سريع. تستطيع سماع باجز وهي نصف نائمة، وهي تتقلب وتصارع وتتحامل على نفسها صعودا في الفراش. تستطيع رؤية الربان، عندما خرج من قمرته للسير قليلا. لم تعرف إذا ما كان قد رآها. لم يبد ذلك على الإطلاق. لم ينظر جهتها قط. كان ينظر إلى الأمام. كان يمارس بعض التمارين، ليلا، عندما لا يكون مضطرا أن يتبادل الأحاديث مع أحد. ذهابا وإيابا، ذهابا وإيابا، قريبا من سياج السفينة. ظلت آفريل ساكنة، شعرت وكأنها مثل ثعلب يختبئ في أحد الأدغال. حيوان ليلي، تراقبه. لكن لم تظن أنه سيجفل إذا ما حركت ساكنا أو نادته. كان متنبها لكل شيء على متن السفينة، بالتأكيد. كان يعلم أنها هناك، لكنه كان يتجاهلها تأدبا، أو لشعوره الذاتي بالثقة.
كانت تفكر في خطط جينين للإيقاع به، واتفقت مع باجز أنها خطط مصيرها الفشل. ستشعر آفريل بالإحباط إذا لم تؤل تلك الخطط إلى الفشل. لم يبد ربان السفينة بالنسبة إليها رجلا يريد أن يزعجك، أو يتملقك، أو يستثيرك، أو يهاجمك. لا يبدو أي من تصرفاته كأنها تقول لك: «انظري إلي.» «استمعي إلي.» «اعجبي بي.» «امنحيني نفسك.» لا شيء على الإطلاق من ذلك. تدور أشياء أخرى في خلده. السفينة، البحر، الطقس، الحمولة، الطاقم، الالتزامات التي عليه الوفاء بها. يجب أن يكون الركاب مسألة عادية بالنسبة إليه. حمولة من نوع آخر، تتطلب نوعا آخر من الاهتمام. كسول أو مريض، شهواني أو حزين، فضولي، غير صبور، مراوغ، منعزل؛ كل هذا رآه من قبل. سيعرف أشياء عن هؤلاء على الفور، لكن ليس أكثر مما يحتاج أن يعرف. ربما يعرف عن جينين قصة قديمة.
كيف حدد الوقت الملائم للدخول؟ هل ضبط التوقيت؟ هل حسب خطواته؟ كان شعره مائلا إلى البياض وظهره مستقيما، وبه بدانة في جسده حول منطقة الوسط، لا تشي بالإفراط بل بسلطة هادئة. لم تفكر باجز في أي اسم له. بينما كانت قد أشارت إليه بالاسكتلندي الحذر، لم تهتم بأكثر من ذلك فيه. لم يكن ثمة علامات واضحة حياله، كانت تستطيع باجز الإمساك بها، لا وجود لأي محاولات للاستعراض، لا وجود لأي طبقات براقة تترقق عند أول اختبار. كان رجلا قد تشكل قبل وقت طويل، لا رجلا يصنع نفسه لحظة بلحظة وباستخدام أي شخص يجده خلال عملية تشكله.
قبل ليلة واحدة من ظهور الربان، سمعت آفريل غناء. سمعت باجز تغني. سمعت باجز تنهض وتعدل من وضع جسدها في الفراش وتبدأ في الغناء.
نامعلوم صفحہ