أخفت أنيتا طموحين لها، لن تفصح عنهما لأي أحد. كان أحد طموحاتها - وهو أن تصبح عالمة آثار - في غاية الغرابة، والطموح الآخر - أن تصبح عارضة أزياء - في غاية الغرور. أفصحت مارجوت عن طموحها، وهو أن تصبح ممرضة. لا يحتاج المرء إلى أي مال للدخول في مجال التمريض - ليس مثل الجامعة - وبمجرد التخرج، يستطيع المرء الذهاب إلى أي مكان والحصول على وظيفة؛ مدينة نيويورك، هاواي. يستطيع المرء الذهاب إلى أبعد الأماكن التي يريد الذهاب إليها.
كان الشيء الذي احتفظت به مارجوت سرا، هكذا حدثت أنيتا نفسها، هو كيف يكون الحال في المنزل، مع والدها. وفق أنيتا، كان الأمر بمثابة فيلم كوميدي. كان والدها عصبيا دوما، ممثلا كوميديا سيئ الحظ، يسعى في كل مكان بلا طائل (وراء الأسطول، ساخرة من مارجوت)، ويقرع الأبواب المؤصدة (صومعة الغلال)، ويطلق صرخات تهديد مريعة، ويمسك بأي سلاح كان في متناوله ليضرب به؛ مقعد أو فأس أو قطعة من حطب الوقود. زلت قدمه ذات مرة واختلطت لعناته واتهاماته. ومهما فعل، كانت مارجوت تضحك. كانت تضحك عليه، تحتقره، كانت تحتاط لما سيفعل. لم تذرف دمعة قط، أو تصرخ رعبا. ليست كأمها. هكذا قالت. •••
بعد أن تخرجت أنيتا كممرضة، ذهبت إلى العمل في يوكن. وهناك التقت وتزوجت طبيبا. كان من المفترض أن يكون هذا نهاية قصتها، نهاية طيبة، مثلما يجري النظر إلى الأمور في والي. لكنها انفصلت عن زوجها، وواصلت حياتها. عادت إلى العمل مرة أخرى، وادخرت بعض المال، والتحقت بجامعة كولومبيا البريطانية، حيث درست الأنثروبولوجيا. عندما عادت إلى ديارها للعناية بأمها، كانت قد حصلت لتوها على درجة الدكتوراه. ولم تنجب أي أطفال.
سألت مارجوت: «إذن، ماذا ستفعلين، بعد أن فرغت من كل هذا؟»
كان الأشخاص الذين أيدوا المسار الذي اتخذته أنيتا في حياتها يقولون لها ذلك عادة. كانت أية امرأة عجوز تقول لها عادة: «أحسنت صنعا!» أو «كنت أتمنى أن تتوفر لدي القدرة لعمل ذلك، عندما كنت صغيرة بما يكفي في السن، حتى أصنع فرقا في حياتي.» كان التأييد يأتي في بعض الأحيان من جهات غير متوقعة. بالطبع، لم يكن الجميع يؤيد أنيتا. لم تكن والدة أنيتا تؤيدها، ولهذا السبب، لسنوات عديدة، لم تكن أنيتا تعود إلى المنزل. حتى في حالة المرض الشديد والهذيان هذه التي تمر بها أمها، فقد تمكنت من التعرف عليها، واستجمعت قوتها لتقول لها: «ضاعت هباء.»
انحنت أنيتا أكثر.
قالت أمها: «الحياة ضاعت هباء.»
لكن في مرة أخرى، بعد أن عالجت أنيتا تقرحاتها، قالت: «أنا مسرورة جدا. مسرورة جدا أن يكون لدي ابنة.»
لم يبد أن مارجوت كانت تؤيد أو تعارض ذلك. بدت متحيرة، في تبلد. بدأت أنيتا في الحديث إليها عن بعض الأشياء التي ربما تفعلها، لكن كان يجري دوما قطع حديثهما. كان أبناء مارجوت قد جاءوا، مصطحبين أصدقاء معهم. كان أبناؤها طوال القامة، شعرهم متدرج في حمرته. كان اثنان منهما في المدرسة الثانوية، وكان أحدهم عائدا من الجامعة. كان هناك ابن أكبر، متزوج ويعيش في الغرب. كانت مارجوت جدة. تحدث أبناؤها معها بأصوات مرتفعة عن أماكن وضع ملابسهم، وعن الطعام، والجعة، والمشروبات الغازية الموجودة في المنزل، وعن أي السيارات ستخرج، وفي أي وقت. ثم ذهب جميعهم للسباحة في المسبح إلى جوار المنزل، ونادت مارجوت فيهم: «لا يذهبن أحدكم إلى ذلك المسبح واضعا مستحضر الوقاية من الشمس!»
أجابها أحد الأبناء قائلا في ضجر وصبر كبيرين: «لم يضعه أحد.»
نامعلوم صفحہ