وأضافت: «استمعي إلي يا جورجيا. أنت تهينينني. حسنا، حسنا. ربما أستحق ذلك. أستحق ذلك فعلا. لكن بعد أن تهينينني بما يكفي سنعود أصدقاء مجددا وسنضحك معا على تلك الواقعة. عندما نصير سيدات عجائز، أقسم أننا سنضحك عليها. لن نتمكن من تذكر اسمه. سنطلق عليه شيخ الدراجة البخارية. هذا ما سنفعله.»
ثم قالت: «ماذا تريدين مني أن أفعل يا جورجيا؟ هل تريدينني أن ألقي بنفسي على الأرض؟ أنا مستعدة لذلك. أحاول أن أمنع نفسي من الانتحاب، ولا أستطيع. أنا أنتحب يا جورجيا، ألا ترين؟»
كانت قد بدأت في البكاء. ارتدت جورجيا قفازيها المطاطيين وبدأت في تنظيف الفرن.
قالت مايا: «لقد ربحت ... سآخذ سجائري وأعود إلى المنزل.»
هاتفتها مايا بضع مرات، فقطعت جورجيا الاتصال. وهاتفها مايلز، فقطعت الاتصال أيضا. بدا لها صوته حذرا لكنه يشوبه الزهو. هاتفها مرة أخرى وكان صوته مرتعشا، كما لو كان يجاهد من أجل إظهار إخلاصه وخنوعه، وحبه الخالص. قطعت جورجيا الاتصال في الحال. وشعرت بالانتهاك والاضطراب.
كتبت مايا خطابا، قالت في جزء منه: «أعتقد أنك كنت تعرفين أن مايلز سيعود إلى سياتل وإلى شئون حياته هناك أيا كانت. يبدو أن مسألة الكنز باءت بالفشل. لكن لا بد أنك كنت تعلمين أنه سيعود حتما في وقت ما وكنت ستشعرين بضيق بالغ آنذاك، لكن ها أنت ذي قد تجاوزت هذا الشعور بالضيق البالغ . أليس هذا حسنا إذن؟ لا أقول هذا لألتمس العذر لنفسي. أعلم أنني كنت ضعيفة ووضيعة. لكن ألا يمكننا أن نرمي هذا وراء ظهرينا الآن؟»
واستطردت قائلة إنها ورايموند سيذهبان في عطلة خططا لها طويلا إلى اليونان وتركيا، وإنها تتمنى من كل قلبها أن تتلقى رسالة من جورجيا قبل أن ترحل. ولكنها إن لم تتلق أي رد منها ستحاول أن تتفهم ما تحاول جورجيا إخبارها إياه، ولن تزعجها بالكتابة إليها مجددا.
وقد وفت بوعدها؛ فلم تكتب مجددا. وأرسلت من تركيا قطعة جميلة من القماش المقلم كبيرة بما يكفي لصنع مفرش مائدة. فطوتها جورجيا ونحتها جانبا. تركتها ليعثر عليها بن عندما تركت المنزل، بعد عدة أشهر. •••
قال رايموند لجورجيا: «أنا سعيد ... أنا سعيد جدا؛ ذلك لأنني راض بأن أكون شخصا عاديا أعيش حياة عادية هادئة. لا أبحث عن اكتشاف كبير أو أحداث كبرى أو منقذ ينتمي إلى الجنس الآخر. لا أضرب في الأرض سعيا وراء جعل الأمور أكثر تشويقا. أستطيع أن أقول لك بمنتهى الصراحة: إنني أعتقد أن مايا ارتكبت خطأ. لا أعني أنها لم تكن موهوبة وذكية ومبدعة جدا وما إلى ذلك، لكنها كانت تبحث عن شيء ما، ربما كانت تبحث عن شيء غير موجود. وعادة ما كانت تزدري كثيرا من الأشياء التي كانت تمتلكها. هذا صحيح. لم تكن ترغب في الامتيازات التي كانت تتمتع بها. عندما كنا نسافر - على سبيل المثال - لم تكن ترغب في المكوث في فندق مريح. كلا، كانت تصر على الذهاب في رحلة طويلة شاقة تتضمن ركوب حمير تعسة بائسة وشرب اللبن الرائب على الإفطار. أظن أنني أبدو رجعيا للغاية. حسنا، أعتقد أنني رجعي. أنا رجعي. لو تعلمين كانت تمتلك مجموعة فضيات رائعة، فضيات بديعة، ورثتها عن عائلتها. لم تكن تعبأ بتلميعها أو جعل عاملة النظافة تلمعها. كانت تلفها جميعا بالبلاستيك وتخفيها. كانت تخفيها، كأنها شيء مخز. كيف تظنين أنها كانت تتصور نفسها؟ مثل شخص من الهيبي، ربما. روح حرة ما؟ لم تدرك حتى أن أموالها هي التي جعلتها في حالة اكتفاء ذاتي. أؤكد لك أن بعض الأرواح الحرة التي رأيتها تدخل وتخرج من هذا المنزل لم تكن ستمكث كثيرا إلى جوارها لولا أموالها.»
ثم أضاف: «بذلت كل ما في وسعي ... لم أهرع بالرحيل عنها، مثل أميرها الخيالي.» •••
نامعلوم صفحہ