في وقت متأخر من فترة ما بعد الظهيرة، تفتح هي وموريس الخزانة الكبيرة التي كانا قد تركاها حتى النهاية، تخرج مجموعة من ملابس السهرة، ملابس سهرة رجالية، لا تزال في غطائها البلاستيكي، كما لو لم يكن قد جرى ارتداؤها منذ تنظيفها. تقول: «لا بد أن هذه ملابس أبي ... انظر، ملابس السهرة القديمة الخاصة بأبي.»
يقول موريس: «لا، هذه ملابسي.» يتناول السترة منها، يخرجها من الغطاء البلاستيكي، ويقف حاملا إياها أمامه فوق ذراعيه. «هذه سترة السهرة الخاصة بي، من المفترض أن تكون معلقة في خزانة الملابس.»
تقول جوان: «لماذا اشتريتها؟ ... من أجل حفل زفاف؟» بعض من الرجال الذين يعملون مع موريس يحيون حياة تتسم بالأبهة والمظاهر أكثر من حياته، ويدعونه إلى حفلات زفاف فخمة.
يقول موريس: «ذاك، وبعض المناسبات الأخرى التي يجب علي الذهاب إليها مع ماتيلدا ... حفلات رقص على العشاء، وغيرها من المناسبات التي تحتاج لارتداء ملابس في منتهى الأناقة.»
تقول جوان: «مع ماتيلدا؟ «ماتيلدا باتلر»؟» «نعم، لا تستخدم اسم زوجها.» يبدو أن موريس يجيب على سؤال مختلف قليلا، لا السؤال الذي كانت جوان تقصده. «بوضوح أكثر، لا أظن أنها تحمل اسم زوجها.»
الآن تسمع جوان مجددا القصة التي تتذكر أنها سمعتها من قبل، أو قرأتها من قبل في خطابات أمها الطويلة المفعمة بالحياة. هربت ماتيلدا باتلر كي تتزوج رفيقها. تعبير «هربت» هو تعبير أمهما، ويبدو أن موريس يستخدمه في نبرة تأكيدية غير واعية، نوع من احترام الابن لأمه، كان الأمر كما لو كانت الطريقة الوحيدة التي كان يستطيع بها الحديث عن الموضوع، أو يمتلك حقا في الحديث عنه، من خلال لغة أمه. هربت ماتيلدا وتزوجت ذلك الرجل صاحب الشارب، واتضح أن شكوك أمها - اتهاماتها المبالغ فيها - تستند للمرة الأولى إلى بعض الحقائق. اتضح أن رفيقها متزوج من امرأة أخرى، كانت لديه زوجة في بلده إنجلترا. بعد أن ظل مع ماتيلدا ثلاث أو أربع سنوات - لحسن الحظ لم ينجبا أطفالا - استطاعت الزوجة الأخرى، الزوجة الحقيقية، اكتشاف أمره. أبطل زواجه بماتيلدا، وعادت ماتيلدا إلى لوجان، عادت لتعيش مع أمها، وحصلت على وظيفة في المحكمة.
تقول جوان: «كيف استطاعت أن تفعل ذلك؟ ... من بين جميع الأشياء الغبية.»
رد موريس بينما تشوب صوته نبرة عناد أو عدم راحة: «حسنا، كانت صغيرة.» «لا أعني «ذلك»، أعني العودة مجددا إلى منزلها.»
يقول موريس، فيما يبدو في غير سخرية: «حسنا، كانت أمها موجودة ... أظن أنها لا تعرف أحدا غيرها.»
يقف أمام جوان، بعينه ذات العدسة الداكنة، والسترة مسجاة على ذراعيه مثل جثمان، ويبدو كئيبا ومنزعجا، تتدفق الدماء في وجهه وعنقه في غير تساو، كما لو كانت بقعا، يرتجف ذقنه قليلا ويعض على شفته السفلى. هل يعرف أن نظراته تكشف عن خبيئة نفسه؟ عندما يبدأ في الحديث مجددا، يتحدث في نبرة متعقلة، شارحة. يقول إنه يظن أن ماتيلدا لم يكن يهمها كثيرا أين كانت تعيش. بشكل ما، وفق روايتها، كانت حياتها قد انتهت. وهنا ظهر هو - موريس - في الصورة. كان ذلك يرجع إلى أن ماتيلدا كان عليها الذهاب من حين إلى آخر إلى حفلات رسمية: مآدب سياسية، مآدب تقاعد. كان ذلك جزءا من وظيفتها، وكان الأمر سيصبح مزعجا لو لم تذهب، لكن كان الأمر مزعجا أيضا بالنسبة إليها أن تذهب وحدها، كانت في حاجة إلى رفيق. لم تكن تستطيع الذهاب في صحبة رجل يطمع فيها، ولا يفهم الأمور على حقيقتها، لا يفهم أن حياة ماتيلدا، أو جزءا محددا من حياة ماتيلدا، كان قد انتهى. كانت في حاجة إلى شخص يفهم الأمر برمته دون الحاجة إلى تقديم أي تفسيرات. يقول موريس: «وهو أنا.»
نامعلوم صفحہ