السابق واللاحق في تباعد ما بين وفاة راويين عن شيخ واحد
للحافظ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي المتوفي سنة ٤٦٣هـ
تحقيق وتعليق: د. محمد بن مطر الزهراني
دار الصميعي للنشر والتوزيع
بسم الله الرحمن الرحيم
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الثانية ١٤٢١ هـ- ٢٠٠٠م
دار الصميعي للنشر والتوزيع
هاتف وفاكس: ٤٢٦٢٩٤٥- ٤٢٥١٤٥٩
الرياض – السويد – شارع السويدي العام
ص. ب: ٤٩٦٧- الرمز البريد ١١٤١٢
المملكة العربية السعودية
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين،
وبعد:
فهذه هي الطبعة الثانية من كتاب "السابق واللاحق في تباعد ما بين وفاة راويين عن شيخ واحد" للحافظ أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت، مؤرخ بغداد ومحدثها المعروف بالخطيب البغدادي المتوفى سنة ٤٦٣هـ ﵀.
ونظرا لنفاسة هذا الكتاب وتفرده في فنه أحببت أن أقدمه لإخواني طلبة العلم في طبعة جديدة، بعد أن مضى على الطبعة الأولى أكثر من سبعة عشر عامًا.
وكنت أود إخراج هذه الطبعة قبل الآن، لكن حالت بعض الأسباب دون ذلك، لعل من أهمها: أنني عزمت على إعادة النظر في كثر من التعليقات في الطبعة السابقة وكذلك في إخراجها أيضًا، وموجب ذلك أمران:
الأول: الأخطاء المطبعية التي كثرت في الطبعة الأولى، لأنني لم أتمكن من تصحيح بروفاتها بنفسي، بل تولى تصحيحها الطابع بنفسه فلم يوفق في ذلك.
الثاني: أنه حصل في الطبعة الأولى – في نظري- شيء من تكبير حجم الكتاب بما لا حاجة إليه، ولعل ذلك حصل بسببين: إحداهما: ما كان من إخراج الطابع حيث ترك أوراق وفراغات بين الأبواب والفصول ما كان لها من حاجة، وثانيها: توسعي في التعليق في الحواشي، حيث كنت أترجم لكل عَلَمٍ
1 / 5
يمر في السند أو المتن وغير ذلك من التعليقات التي رأيت فيما بعد أن لا حاجة إليها، ولعل عذري في ذلك الوقت أنني تقدمت بتحقيق هذا الكتاب لنيل الماجستير من قسم السنة بالدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وذلك يتطلب أمورا قد لا يحتاج إليها كثير من القراء.
لهذا وذاك أعدت النظر في الكتاب، فقمت بإعادة قراءة النص المخطوط مقابلته، ثم حذفت كثيرًا من التعليقات التي رأيت أنها ليست ضرورية، ثم صححت الأخطاء، كما أنني أضفت بعض التعليقات التي لها فائدة في خدمة النص، وزدت في ضبط المشكل في النص والتعليقات، وتقييد المهمل، وتبيين المبهم.
هذا ما أدى إليه اجتهادي وحسبي أنني قصدت بذل تقريب الكتاب إلى إخواني طلبة العلم بحجمه الجديد، ثم أتقدم بالشكر الجزيل لكل من أسدى إلى نصحًا أو نبهني على خطأ مما حصل في الطبعة الأولى فجزا الله الجميع عني خير الجزاء.
وأسأل الله لي ولإخواني من طلبة العلم أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يوفقنا للحق ويثبتنا عليه، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتبه: محمد بن مطر الزهراني
بطيبة الطيبة قبل عصر يوم الجمعة
الموافق يوم عرفة من ذي الحجة سنة ١٤١٩هـ.
1 / 6
المقدمة:
أولًا ترجمة موجزة للمؤلف١:
هو أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ بن أحمد البغدادي- من أصل عربي – ولد سنة ٣٩٢هـ.
ونشأ في قرية درزيجان الواقعة جنوب غربي بغداد، حيث كان والده يتولى خطبة وإمامة جامعها لمدة عشرين سنة٢.
وكانت نشأت الخطيب البغداد في بيت من بيوت العلم والصلاح فكان والده رجلًا صالحًا محبًا للعلم والعلماء، فلذلك حرص على تنشئة ابنه تنشئة علمية قوية مبنية على تقوى الله وطلب العلم لوجهه تعالى، فأخذه منذ صغره إلى مؤدب يؤدبه ويقرؤه القرآن ثم أخذ بعد ذلك يوجهه إلى حلقات العلم ومجالس العلماء، حتى أصبح بعد ذلك من العلماء المشهورين، توفي سنة ٤٦٣هـ.
طلبه للعلم وحلته:
بدأ الخطيب الجلوس إلى حلقات العلم في وقت مبكر وأخذ ينتقل من حلقة إلى حلقة يسمع من هذا الشيخ ويصغي إلى ذاك الشيخ فسمع الحديث وأخذ
_________
١ نظرًا لأن الخطيب قد درس دراسة وافية من الأستاذ يوسف العش والدكتور أكرم العمري فإنني أوجز الترجمة هنا، واعتمدت في النقل على كتابيهما كثيرًا، وإنما أردت هنا التعريف الموجز كمدخل للكتاب.
٢ انظر: موارد الخطيبص:٢٩.
1 / 7
واللاحق، ولأن كل من كتب في الخطيب ذكر مصنفاته بالتفصيل:
١- الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة.
٢- الأسماء المتواطئة والأنساب المتكافئة.
٣- تلخيص المتشابه في الرسم.
٤- تمييز المزيد في المتصل الأسانيد.
٥- تاريخ بغداد.
٦- الرواة عن شعبة.
٧- الرواة عن مالك.
٨- المتفق والفترق.
٩- غنية الملتمس في إيضاح الملتبس.
وغيرها كثير.
1 / 8
ثانيا: دراسة الكتاب:
١- تعريف السابق واللاحق وصلته بكتب الوفيات:
لم أقف على من عرف بالسابق واللاحق قبل الخطيب البغدادي فيما اطلعت عليه من كتب المصطلح.
قال الخطيب في كتاب السابق واللاحق – ص٢-: "ضَمَّنْتُهُ ذِكْرَ مَنِ اشْتَرَكَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ مِنْ تَبَايُنِ وَقْتِ وَفَاتَيْهِمَا تَبَايُنًا شَدِيدًا، وَتَأَخُّرِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا عَنِ الآخَرِ تَأَخُّرًا بَعِيدًا، وَسَمَّيْتُهُ السابق واللاحق".
وقال أبو عمرو بن الصلاح في تعريف السابق واللاحق: "معرفة من اشترك في الرواية عنه راويان متقدم ومتأخر تباين وقت وفاتيهما تباينًا شديدًا فحصل بينهما أمد بعيد، وإن كان المتأخر منهما غير معدود من معاصري الأول وذوي طبقته"١.
وقال العراقي في الألفية:
وصنفوا في سابق ولاحق ... وهو اشتراك راويين سابق
موتا كزهري وذي تدارك ... كابن دويد رويا عن مالك
سبع ثلاثين وقرن وافى ... آخر كالجعفي والخفاف
وقال في شرحه للألفية: وموضوعه"أن يشترك راويان في الرواية عن شخص واحد وأحد الراويين متقدم والآخر متأخر بحيث يكون بين وفاتيهما أمد بعيد"٢.
_________
١ انظر: علوم الحديث لابن الصلاحص:٢٨٦.
٢ انظر: شرح التبصرة والتذكرة٣/١٠١.
1 / 9
والناظر في هذه التعريفات يجدها متقاربة جدًا بل متحدة، ويجد أن من جاء بعد الخطيب لم تختلف تعاريفهم عن تعريف الخطيب وأن جميع هذه التعريفات تنص على إلحاق الراوي المتأخر بالمتقدم الذي شاركه في الرواية عن شيخه وإن لم يكونا متعاصرين.
وكل من جاء بعد العراقي وابن الصلاح لم يضف شيئًا في تعريف السابق واللاحق إلى تعريف من سبقه.
هذا وقد نصوا على أن من فوائد ضبطه ما يلي:
١- الأمن من ظن سقوط شيء في إسناد المتأخر.
٢- تفقه الطالب في معرفة العالي والنازل.
٣- معرفة الأقدم من الرواة عن الشيخ ومن به ختم حديثه.
٤- تقرير حلاوة علو الإسناد في القلوب١.
وقد رد السخاوي على ابن كثير في قوله: "وهو مما يتحلى به كثير من المحدثين، وليس من المهمات فيه ... "٢، قال السخاوي: "وهو متعقب بأولى فوائده".
أما صلة هذا الفن بكتب الوفيات، فواضحة وبينة، إذ أن هذا الفن موضوعه البحث في وفاة الراويين عن هذا الشيخ، ويزيد على ذلك بتأكيد كزنهما رويا عنه وهذا الأخير هو الذي من أجله يبحث عن وفاة الراوي، ومعرفة ما إذا كان أدرك هذا الشيخ الذي يروي عنه وسمع منه أو لا.
_________
١ انظر: فتح المغيث٣/١٨٣.
٢ انظر: الباعث الحثيثص:٢٠٥.
1 / 10
الفقه وغيرهما على كبار علماء بغداد في عصره حتى إذا ما بدأ يصلب عوده أخذ يتطلع إلى السماع من العلماء المقيمين خارج بغداد، وبدأ رحلته حيث رحل في طلب العلم وسماع العلماء وخاصة علماء الحديث – فرحل إلى الحجاز ومصر والشام والمشرق وبعض هذه البلدان كرر رحلته إليها، واهتم الخطيب بالرحلة في طلب العلم فألف كتابًا في ذلك١.
أشهر شيوخه وتلاميذه:
أفاد الخطيب كثيرًا من علماء بغداد، وكان يحث طلبة العلم باستفاد حديث أهل بلدهم قبل الرحلة في كلبه من علماء البلدان الأخرى٢، وقد طبق ذلك فبدأ التحمل عن كبار شيوخ بغداد في زمانه ومن أشهر من استفاد منهم من شيوخ بغداد:
١- أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ.
٢-أبو بكر أحمد بن محمد البرقاني.
٣- أبو القاسم عبيد الله بن أحمد الأزهري.
٤- أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي.
٥- أبو الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان.
٦- أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان، وغيرهم من علماء بغداد وغيرها خلق كثير٣
_________
١ انظر: المواردص:٣٥- ٤٧.
٢ المصدر السابقص:٣١.
٣ تذكرة الحفاظ٣/١١٣٦، موارد الخطيب ص:٣١-٣٢.
1 / 11
ومن أشهر تلاميذه:
١- أبو الفضل بن خيرون.
٢- الأمير أبو النصر بن ماكولا.
٣- عبد الله بن أحمد السمرقندي.
٤- محمد بن السين بن علي الشيباني.
٥- هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الشروطي الواسطي، وغيرهم خلق كثير ١.
مكانته بين العلماء٢:
وثقه العلماء من معاصريه ومن أتى بعدهم، فممن وثقه: عبد العزيز الكتاني، وابن ماكولا، وابن الأكفاني وغيرهم، وقد أشادوا بعلمه وفضله كثيرًا، وممن أشاد بذلك السّمعاني والسبكي وابن النجار وابن عساكر، وقد اعتبروه خاتمة الحفاظ، قال ابن حجر: كل الناس بعد الخطيب عيال عليه في الحديث٣ إلا أنه لا يخلو كل إنسان من حساد، فقد اتهمه ابن الجوزي بالتعصي ضد الحنابلة وعاب عليه الاحتجاج بالأحاديث الموضوعة في كتبه ودفاعه عن بعض المبتدعة٤، واتهمه الأحناف بالتعصب ضد مذهبهم وكل
_________
١ انظر: تذكرة الحفاظ١/١١٣٦، الخطيب البغدادي للعشصك ٨٦-٨٩.
٢ انظر تذكرة الحفاظ٣/١١٣٥، موارد الخطيبص:٤٩.
٣ انظر: نزهة النظرص:١٦.
٤ المنتظم لابن الجوزي٨/٢٦٧-٢٦٩.
1 / 12
من ترجم للخطيب رد هذه التهم.
عقيدةه ومذهبه:
كان الخطيب سلفي العقيدة أي أنه ينتحل مذهب أهل السنة والجماعة في العقيدة بما في ذلك الأسماء والصفات وقد نص على ذلك ابن القيم في " اجتماع الجيوش الإسلامية" والذهبي في " العلو للعلي الغفار" وله رسالة في العقيدة في موضوع الأسماء والصفات محفوظة بالظاهرية، ومما قال فيها:
"أما الكلام في الصفات، فأما ما روي منها في السنن الصحاح فمذهب السلف إثباته وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها".
والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، ونحتذي في ذلك حذوه وأمثاله، وإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين، إنما هو إثبات وجود، لا إثبات تحديد وكيفية، فكذلك إثبات صفاته، إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وكيفية١، أما مذهبه في الفروع فإنه كان شافعيًا.
ذكر بعض كتبه:
الخطيب ممن أكثر من التأليف في جميع الفنون فلم يقتصر على فن دون فن، ولكن نجده في علم الحديث أكثر تأليفا من غيره، حتى إنه أفرد أكثر فنون المصلح كل فن في كتاب مستقل، ومن ذلك كتابنا الذي نقدمه بهذه المقدمة.
وسأكتفي بذكر بعض كتبه في علم الرجال خاصة لصلتها بالسابق
_________
١ انظر: مختصر العلو للعلي الغفار للذهبي- اختصار الألبانيص:٢٧٢.
1 / 13
ولذا نرى الخطيب يعتمد في كتابه "السابق اللاحق" على كتب التاريخ والتراجم التي تعتني بالوفيات اعتمادًا كبيرًا، فقد نقل عن وفيات ابن قانع وحده أكثر من٤٨ نصًا، كما سنفصل ذلك في جريدة مصادره في السابق واللاحق، في هذه المقدمة.
وإنما كان هذا الفن نمط خاص من الوفيات، ولم يسبق الخطيب – فيما أعلم – إلى هذا الفن من التأليف، وإنما كان من قبله يؤلف في الوفيات على ترتيب السنين أو المعاجم أو التاريخ العام ونحو ذلك، أما الخطيب فقد اعتنى بهذا الفن من فنون المصطلح وأفرده في كتاب خاص وجمعه على نمط خاص، وقد تيسر له جمع عدد من الرواة غير يسير في كتابه هذا.
وقد ذكر السخاوي وزين الدين العراقي وزكريا بن محمد الأنصاري وابن العماد وغيرهم أن الذهبي قد تابع الخطيب في هذا النمط من التأليف، فألف في هذا الفن كتابًا سماه "التلويح بمن سبق ولحق"١، ولم أقف على ذكر من ألف في هذا الفن غير الخطيب والذهبي.
٢- توثيق نسبة الكتاب إلى الخطيب:
وقد اعتمدت في ذلك ما يلي:
أ - أسانيد الكتاب تبدأ بشيوخ الخطيب البغدادي، وهذا دليل قوي على أن الكتاب له، وقد أشرت إلى ذلك عند ذكر مشائخ الخطيب في هذه المقدمة.
_________
١ انظر: فتح المغيث٣/١٨٣، فتح الباقي على ألفية العراقي،- في حاشية التبصرة والتذكرة٣/١٠١، وانظر أيضًا: الذهبي ومنهجه في تاريخ الإسلامص:١٦٥.
1 / 14
ب- ذكر كتب المصطلح والكتب التي ترجمت للخطيب أن من بين مؤلفاته كتاب السابق واللاحق.
فمن كتب المصلح التي نصت على ذلك:
١- علوم الحديث لابن الصلاح (ص:٢٨٦) .
٢- شرح التبصرة والتذكرة للعراقي (٣/١٠١) .
٣- فتح الباقي على ألفية العراقي (٣/١٠١) .
٤- فتح المغيث (٣/١٨٣) .
٥- تدريب الراوي (٢/٢٦٢) .
وغيرها من كتب المصطلح التي نصت على ذلك.
ومن الكتب التي ترجمت للخطيب وذكرت من مؤلفاته السابق واللاحق:
١- فهرست محمد بن أحمد المالكي، انظر: يوسف العش- الخطيب البغدادي (ص:١٣١) .
٢- المنتظم لابن الجوزي (٨/٢٦٦) .
٣- تذكرة الحفاظ للذهبي (٣/١١٣٩) .
٤- البداية والنهاية (١٢/١٠٢) .
٥- كشف الظنون (٢/٩٧٣) .
وكل من ترجم للخطيب وذكر مصنفاته ضمنها كتاب السابق واللاحق.
ج- تطابق النصوص التي نقلتها الكتب اللاحقة به منه وقد نصت على اسم الكتاب.
وهذا من أقوى الأدلة على صحة نسبة الكتاب إليه.
1 / 15
ومن هذه الكتب:
١- طبقات الحنابلة (١/١٣٩، ٣٢٧)،
٢- اتلروض الأنف (٢/١٨٧) .
٣- فتاوى ابن تيمية (٤/٣٢٤) .
٤- تهذيب الكمال للمزي (١/ق ٦، ق ٢٧) .
٥- الميزان (١/ ٣٧)، (٣/٦٧٥) ... وغير ذلك.
٦- ابن كثير في التفسير (٤/١٥٩-١٦٠) – سورة التوبة: ١١٣.
٧- تهذيب التهذيب (١/١٢٢، ١٥٢، ٢٩١) ... وغير ذلك.
وهناك كتب أخرى نقلت عنه ولخوف الإطالة أكتفي بهذا.
٣- موارد الخطيب في السابق واللاحق:
يمكن تقسيم موارد الخطيب في هذا الكتاب إلى قسمين:
١- كتب الحديث.
٢- كتب التاريخ والتراجم.
وبما أن طبية مادة الكتاب هي في تراجم الرجال فلذا نلحظ أن موارده الرئيسية هي كتب التاريخ والتراجم، فقد استقى معلوماته من أكثر من "٢٧ " مصنفًا في هذا الفن بينما نجد موارده من كتب الحديث لا يتجاوز ثمانية مصادر تقريبًا.
أ- كتب الحديث:
لم يبين الخطيب أسماء المصنفات التي اعتمد عليها في رواية الأحاديث والآثار في السابق واللاحق، ويبدو أنه أخذ معظمها من كتب معاجم الشيوخ والأجزاء، ولم يأخذها من كتب الحديث المشهورة كالسنة وموطأ مالك – هذا باستثناء نص واحد ورد عن البخاري ونص آخر عن ابن ماجة – وهذه عادته في
1 / 16
مصنفاته خاصة التي في علم الرجال كتاريخ بغداد مثلًا١.
وبتتبع أسانيده اهتديت إلى معرفة بعض هذه الكتب، والذي تمكنت من الوقوف عليه قابلت النص والسند وأشرت على موضعه منه أثناء التحقيق، وما لم أقف عليه أو لم أجزم به لوجود بعض الاختلاف في السند أو المتن أشرت إليه بعبارة الاحتمال، أو اكتفيت بذكره في المقدمة.
١- الجامع الصحيح للبخاري.
محمد بن إسماعيل أبو عبد الله المتوفى سنة ٢٥٦هـ.
اقتبس منه الخطيب في السابق واللاحق نصًا واحدًا فقط.
وذلك من طريق:
١- إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ، الحسين بن عثمان الشيرازي – كلاهما- عن محمد بن مكي الكشميهني عن محمد بن يوسف الفربري عنه.
٢- أبو عبد الله الحسين بن محمد الخلال عن إسماعيل بن محمد بن حاجب الكشاني عن الفربري عنه.
٢- جزء حديث ابن عرفة٢:
الحسن بن عرفة العبدي المتوفى سنة ٢٥٧هـ
اقتبس مكنه الخطيب هنا نصًا واحدًا، وذلك من طريق أبي الحسن أحمد بن
_________
١ انظر: موارد الخطيب ص:٤٣١.
٢ مخطوط في الظاهرية مجموع٢٢/٨، وانظر: موارد الخطيبص:٤٣٢.
1 / 17
محمد الواعظ عن يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ بُهْلُولٍ التنوخي عنه، فلعله من هذا الجزء
٣- السنن لابن ماجة:
محمد بن يزيد بن ماجة القزويني المتوفى سنة ٢٧٣هـ.
اقتطف منه الخطيب نصًا واحدًا من طريق أبي الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ القزويني عن علي بن إبراهيم بن سلمة القطان عن صالح بن محمد بن مهران عنه.
٤- جزء حديث أبي علي الصفار١:
إسماعيل بن محمد الصفار المتوفى سنة ٣٤١ هـ.
اقتبس منه الخطيب في السابق واللاحق نصًا واحدًا، من طريق أبي الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ الْقَاضِي عنه.. لعله من هذا الجزء.
٥- جزء حديث أبي سهل القطان٢:
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زياد القطان المتوفى سنة ٣٥٠ هـ.
اقتبس منه الخطيب نصًا واحدًا، مكن طريق أبي الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ داود الرزاز عنه فلعل هذا النص مقتبس من هذا الجزء
_________
١ انظر: الرسالة المستطرفةص: ٨٨ وقد وصلت بعض أجزاء من حديثه، انظر: فهرست الظاهرية للألباني ص: ٣٢٢- ٣٢٣، موارد الخطيبص:٤٣٥.
٢ وصل إلينا٥٤ ورقة من حديثه، مخطوط في الظاهرية مجموع٨٥، انظر: موارد الخطيبص:٤٣٧.
1 / 18
٦- حديث الإمام مالك لأبي بكر الشافعي١:
محمد بن عبد الله الشافعي البزاز المتوفى سنة ٣٥٤هـ.
أورد الخطيب من طريقه نصين وذلك من طريق أبي الحسن بن أبي بكر بن شاذان عنه.
وأحد هذين النصين حديث فلعله من جزئه هذا والآخر في وفاة موسى بن سهل الوشاء ولم أقف على من ذكر له كتاب في التاريخ أو التراجم.
٧- المعجم الصغير للطبراني:
سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى سنة ٣٦٠هـ.
اقتبس منه الخطيب في السابق واللاحق نصًا واحدًا من طريق الحسين بن علي الطناجيري عن كوشيار بن لياليزور عن الحسين بن عيسى بن مهدي الختلي عن أبي نعيم عنه، ... وبعد المقارنة تبيّن لي أنه من المعجم الصغير.
هذا وهناك نصوص حديثية أخرى يرويها الخطيب عن مشائخه بلفظ قرأت في اصل كتاب فلان، أو بلفظ قال وذكر، وسمعت ...، ولم أجد في أسانيدها أسماء أحد من الذين لهم مصنفات معروفة فيما أعلم.
ب- كتب التاريخ والتراجم:
اعتمد الخطيب في استقاء معلوماته في السابق واللاحق على كتب الرجال اعتمادًا كبيرًا وخصوصًا التي تهتم بذكر الوفيات.
وتتنوع مصادر الخطيب هذه، فمنها كتب الوفيات، ومنها كتب التاريخ
_________
١ انظر: موارد الخطيبص: ٤٣٨.
1 / 19
العام، ومنها معاجم الشيوخ وغيرها كما سنرى فيما يلي: وهذا يدل دلالة واضحة على سعة اطلاع الخطيب البغدادي، وتذوقه للمادة العلمية.
وفيما يلي سرد للمؤلفين الذين نقل عن مؤلفاتهم:
١- الهيثم بن عدي (ت٢٠٧):
ذكرت المصادر له كتاب " طبقات الفقهاء والمحدثين"١.
وقد اقتبس منه الخطيب نصًا واحدًا، وذلك بلفظ قال ابن عدي مما يدل على أنه من كتاب فلعله منه.
٢- أبو نعيم الفضل بن دكين (ت٢١٩ هـ):
له كتاب " التاريخ" أو " تاريخ الكوفة "٢.
اقتطف منه الخطيب في " ٧ " مواضع، بلفظ قال: أبو نعيم ... وكلها في الوفيات.
٣- محمد بن سعد كاتب الواقدي (ت٢٣٠هـ):
له كتاب " الطبقات الكبرى" وهو مطبوع.
اقتبس منه الخطيب أكثر من ١٨ نصًا، وذلك من أربعة طرق، أشهرها والذي يتكرر كثيرًا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بشران – الحسين بن صفوان – أبو بكر بن أبي الدنيا ... عنه.
وتدل المقارنة في جميع النصوص المقتبسة عن ابن سعد في السابق واللاحق
_________
١ مفقود، انظر: موارد الخطيب البغداديص: ٣٨٦.
٢ ذكره أكرم العمري في مقدمة المعرفة والتاريخ للفسوي١/٤٧.
1 / 20
أنها من الطبقات الكبرى.
٤- يحيى بن عبد الله بن بكير (ت ٢٣١ هـ):
ذكرت له المصادر كتاب "التاريخ "١ وهو مفقود.
تقتبس منه الخطيب نصين فقط تتعلق بالوفيات وذلك من طريق: أبي حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدي – القاسم بن غانم بن حموية الصيدلاني – محمد بن إبراهيم اليوشنجي عنه.
٥- يحي بن معين (ت٢٣٣هـ):
له كتاب "التاريخ" مطبوع.
اقتبس منه الخطيب نصًا واحدًا بلفظ قال ابن معين:.. وذلك في الوفيات، فلعله منه.
٦- محمد بن عبد الله بن نمير (ت٢٣٤ هـ):
نقل عنه الخطيب بلفظ قال:.. مما يدل على أنه من كتاب، وطبيعة المادة التي ينقلها عنه في وفيات الرواة، فلعل له كتاب في تراجم الرواة أو وفياتهم ولم أجد من نص على ذكر ذلك إلا ما ذكره ابن زبر الربعي في مصادر كتابه "تاريخ مولد العلماء ووفياتهم"٢.
_________
١ انظر: المواردص: ٣٣٦.
٢ نسخة مصورة محفوظة في مكتبة الجامعة الإسلامية تحت رقم٥٠٥ راجع المقدمة.
1 / 21
٧-علي بن عبد الله المديني (ت ٢٣٤هـ):
ذكرت الصادر أن له كتاب "التاريخ"١ وكتاب "العلل ومعرفة الرجال" مطبوع.
وقد اقتبس منه الخطيب في السابق واللاحق "٧" نصوص من طريق منصور بن ربيعة الزهري الخطيب – عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَاشِدٍ – أحمد بن يحيى بن الجارود عنه..، وأحيانًا يروي عنه بلفظ قال علي بن المديني ...
وطبيعة مادة ما نقله عنه الخطيب تتعلق بأحوال الرواة ووفياتهم، وقد وجدت بعضها في كتاب "العلل ومعرفة الرجال" وأشرت إلى مواضعها أثناء التحقيق، وبعضها لم أجده فلعله من كتاب التاريخ وهو مفقود.
٨- خليفة بن خياط (ت٢٤٠ هـ):
له كتاب "الطبقات"، و"التاريخ"، مطبوعان.
اقتبس الخطيب من خليفة "١٠" نصوص، وذلك من طريق أبي سعيد بن حسنويه الكاتب، - أبي مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بن حيان – عمر بن أحمد الأهوازي – عنه، ...، ويروي عنه أحيانًا بلفظ قال: ...
وبعد المقارنة ظهر لي أن هذه النصوص التي أوردها الخطيب في السابق واللاحق عن خليفة هي من كتاب "الطبقات"٢ وتتضمن المعلومات التي ينقلها الخطيب عن خليفة أخبار الرواة وأحوالهم ووفياتهم.
_________
١ مفقود، انظر: المواردص:٣٤١.
٢ انظر: المواردص:٣٩٠.
1 / 22
٩- الإمام أحمد بن محمد بن حنبل (ت ٢٤١ هـ):
ذكرت المصادر أن له كتاب "التاريخ" وكتاب "العلل والرجال"، والأول مفقود والثاني طبع منه المجلد الأول.١
اقتطف منه الخطيب في السابق واللاحق نصًا واحدًا ورواه عنه بلفظ: قال الإمام أحمد مما يدل على أنه من كتاب.
وموضوع النص الذي استقاه الخطيب عن أحمد هو في وفاة أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري فلعله من أحد كتابيه هذين.
١٠- عمرو بن علي الفلاس المدني (ت ٢٤٩ هـ):
له كتاب "التاريخ" وهو مفقود.
اقتبس منه الخطيب في السابق واللاحق أكثر من "٥" نصوص.
ويروي عنه الخطيب من طريق على بن أحمد بن محمد بن الرزاز – محمد بن أحمد بن الحسن الصواف = بشر بن موسى عنه.
وطبيعة المادة التي اقتطفها الخطيب من الفلاس تتضمن وفيات وأحوال الرواة فلعلها من تاريخه.
١١- أبو موسى محمد بن المثنى العنزي الزمن (ت ٢٥٢ هـ):
ذكرت المصادر له كتاب "التاريخ"٢، اقتبس منه الخطيب "١١" نصًا، وذلك من طريق أبي القاسم الأزهر – محمد بن العباس الخزاز – إبراهيم بن محمد الكندي عنه ... وأحيانا يروي عنه بلفظ قال: ...
_________
١ انظر: المواردص: ٣٤٢.
٢ مفقود، انظر: الموارد ص: ٤٠٥.
1 / 23
١٢-محمد بن إسماعيل البخاري (ت ٢٥٦ هـ):
"التاريخ الكبير" مطبوع – اقتبس منه الخطيب "٤" نصوص من طريق محمد بن الفضل القطان – علي بن إبراهيم المستملي – محمد بن سليمان بن فارس عنه..
١٣- أبو علي حنبل إسحاق بن حنبل الشيباني (ت ٢٧٣هـ):
له كتاب "التاريخ".
اقتبس منه الخطيب "٩" نصوص من طريق محمد بن أحمد بن رزق – عثمان بن أحمد الدقاق عنه..
١٤- يعقوب بن سفيان الفسوي (ت ٢٧٧ هـ):
"المعرفة والتاريخ"، مطبوع.
اقتبس منه الخطيب "١٣" نصًا من طريق محمد بن الحسين بن الفضل القطان – عبد الله بن جعفر بن دستويه عنه ...
١٥- أبو العباس أحمد بن علي الأبار (ت ٢٩٠ هـ) .
ذكرت له المصادر كتاب "التاريخ"١.
اقتبس منه الخطيب "٥" نصوص، وذلك بلفظ قال: ...
١٦- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ مطين (ت٢٩٧ هـ):
له كتاب "التاريخ"٢.
_________
١ مفقود، انظر: الموارد ص: ٣٥٩.
٢ انظر: موارد الخطيب ص: ٣٦٠.
1 / 24