أيتها الشجرة المقدسة، قدوسة أنت!
لأخينا العربي جمر الغضا، ولنا فحم السنديان، وأكرم بناره من نار خالدة! منك تعلمنا الحزم والعزم والثبات؛ فصبرنا على الزوابع العابرة، مقتدين بك يا أمنا الصابرة.
يا بنت لبنان، يا جامعة الفطرة والزمان، كم هبط الوحي من أعالي سمواتك على الرءوس الحانية على الكتاب.
أتخصين الدفاتر التي حبرتها أيدي من كان جذعك المنخور لهم مسندا؟! كم نظرت بألف عين إلى من سودوا الأوراق فبيضوا وجه لبنان.
ألست قابلة الحرف يوم وضعته أمه؟ ألست مرضعة الكتاب التي لا تعق؟ مرحى يا سنديانة الضيعة الحبيبة، يا جارة الهيكل ما أنت جارة!
أنت أم، أنت أخت، أنت عروس يتجدد كالنسر شبابها. كلك جميلة يا حبيبتنا السمراء!
يقولون مدرسة تحت السنديانة، وما أحلى هذا الاسم الخالد، لقد أنصفك من سماك هكذا؛ ففي ظلك ترعرع العبقريون، ومن عودك استمدت يدهم الصلابة.
ما أحسب كنانة عبد الملك بن مروان، حين كبها، ورأى الحجاج أصلبها عودا، إلا من خشبك، وكيف يكون ذلك الرجل غير سنديان؟! أما كان معلم صبية ... إذا ضاق عنا صدر الهيكل ضممتنا كما تضم الدجاجة فراخها.
وإذا أطلت أمنا الأخرى القاسية، تلذعنا أسواط أشعتها، تخبأنا تحت أذيالك. ما أحلى القمر يغمزنا من بين ثناياك كالأخ الأصغر!
يا جبارة بلا مجن، يا فارسا جواده الجبل، وسرجه الجلاميد، ما أصبرك على الحر والقر! إن من أبدعك لا يضيع أجر الصابرين.
نامعلوم صفحہ