جبران التويني
إذا جلست إليه - وقد أصبح بعد أن تسنم عرش الأحرار، واستلم الوزارة كالأمير النائي - تسمع حديثا يملأ الأذن، وترى هيكلا يملأ العين.
في صوته غنة عذبة تشد بها أوتار حنجرته حينا بعد آخر، فتستحيل إلى نبرات صارمة.
رأس ضخم فشت طلائع الجمال في أسارير وجهه، إلا أن عبوسا كالحا ينتشر عليه بعض الأحيان، كأنما هو في المرارة من غيظ روحه ومطامع نفسه، فيصبح وليس في بريق النجوم أن ينير ظلمة هذا العبوس.
تطربك في حديثه ملح من النوادر لا تخرج واحدة منها عن طبع النكتة.
قد تمقته وهو كالح الوجه بقدر ما تحبه وهو باسم.
لا يشير عبوسه إلى شيء من الكبرياء، وهذا ما يشفع به ، فكأن الأستاذ «التويني» قد عرف هذه الآية القائلة: «داء المتكبر لا دواء له؛ لأن جرثومة الشر قد تأصلت فيه.»
منته الطبيعة بقلم واثق من شقه، فهو يلجأ إليه في الأوقات العصيبة، ويغذو صحيفته «الأحرار» بمداده على ما تشاء جرأته.
درج في عالم الصحافة منذ نشأته، فكان له فيها جولات ملأ بها كأس الجرأة إلى حفافها، وأخذ مدة بناصية الأدب، فلم يجل بها كما جلى في الصحافة، حتى استخار الله أخيرا في القفول عن الأدب إلى الصحافة ورسخ فيها.
لقد عرف - عهد تسلمه رئاسة التحرير في جريدة «الأحرار» - أن يمحص المشاكل السياسية في لبنان وغير لبنان بلباقة أخفت لون «الأحرار»، حتى التبس أمرها على الناس.
نامعلوم صفحہ