ويرغب كثير من المتهوسين الذين استحوذت عليهم الأوهام أن يعيدوا دور الثورة الفرنسية، وسترجع الاشتراكية - التي هي خلاصة هذه الرغبة - بالناس إلى الوراء؛ لإبطالها أهم عوامل السير فيهم، فهي بإقامتها تبعة الجماعات ومبادرتها مقام تبعة الفرد ومبادرته تسقطهم إلى الدرك الأسفل.
وليست الساعة الحاضرة ملائمة لمثل هذه التجارب، فالأمم تمعن في التسلح، وجميع الناس شاعرون بأنه لا مكان للأمم الضعيفة في مزاحمة العالم.
تنمو في أوربة الوسطى دولة حديثة مخيفة طامعة في سيادة العالم لتنال أسواقا لسلعها، فإذا داومنا على خرق اتحادنا بما يقع عندنا من النزاع الداخلي، ومن تنافس الأحزاب، ومن الاضطهاد الديني، ومن وضع قوانين مقيدة لتقدم الصناعة؛ فإن شأننا في العالم ينتهي، ونفسح في المجال إلى أمم ملتحمة الأجزاء عالمة كيف تسير مع مقتضيات الطبيعة من غير أن تحاول تذليلها، نعم، إن الحال لا يعيد الماضي، وإن التاريخ حافل بأمور وقعت بغتة، ولكن الحوادث في مجموعها مسيرة بسنن أزلية.
نامعلوم صفحہ