روح عظيم المهاتما غاندي

عباس محمود العقاد d. 1383 AH
57

روح عظيم المهاتما غاندي

روح عظيم المهاتما غاندي

اصناف

أما «الموكشا» أو انطلاق الروح من جميع الشهوات الجنسية فهو الكمال الذي يتوخاه من يطيقه، ولكنه لا يفرض على جميع الناس.

سأله الطالب رامشاندران - وهو من تلاميذ صديقه الإنجليزي مستر أندروز - لماذا يبشر بالموكشا؟

فقال: لأن الزواج في غنى عن التبشير، حسبه دافع الغريزة داعيا إليه.

قال الطالب: أليس في ذلك خطر من انقراض النوع الإنساني؟

قال: كلا، بل في ذلك تصفية النوع الإنساني وتهذيبه.

قال الطالب: أليس من واجب العبقري أن يعقب عبقريا مثله؟

قال: إن عبقريته تعقب له أبناء أكثر مما يستطيع أن يلد.

وسئل مرات عن الطلاق كما سئل مرات عن الزواج، فكان يأبى تيسير أسباب الطلاق، ويقول: إنه لا يحل مشكلة الزوجين، فإن المرأة التي لا تجد من زوجها حسن المعاملة لا تنتفع بالطلاق، ولعلها لا تجسر على طلبه، وإنما يأتي حسن المعاملة من معرفة المرأة بحقوقها وتعليمها الواجب لها والواجب عليها، وعندئذ تقل الحاجة إلى الطلاق أو تصبح الحالة في المجتمع خيرا من إكثار المطلقين والمطلقات فيه لجهل الزوجين بما بينهما من الحقوق والواجبات، وكأنه كان يرى - وكان على حق فيما يرى - أن الهند تنتقل في حياتها الاجتماعية نقلة طافرة لو تحولت من زواج أبدي ينتهي بإحراق الزوجين على كومة واحدة، إلى زواج يباح فيه الطلاق لأهون الأسباب.

ويطرد مع هذا الرأي أن يشجع غاندي كل حركة تساعد المرأة على الاستقلال والكرامة. وهكذا كان في مسألة «حق الملكية» ... فإنها كانت مثار خلاف بين الهنود عند البحث في تقرير حقوق النساء المدنية والسياسية، فكان الأكثرون منهم يتوجسون من إباحة حق الملكية للمرأة؛ لأنه يغريها بالنشوز وقلة الاكتراث لمرضاة زوجها عنها. وكان غاندي على خلاف هذا الرأي يبيح الملكية للمرأة كما يبيحها للرجل، ويسأل معارضيه: هل أفسد حق الملكية أخلاق الرجال وعلمهم قلة الاكتراث لمرضاة الزوجات؟ إذن ليكن شأن النساء كشأن الرجال، فلا قيمة للأخلاق التي تبنى على عجز إنسان من الناس عن الاستقلال برأيه ورزقه، وليست الأخلاق أخلاقا إلا إذا جاءت من محض الاختيار ووحي الضمير.

على أنه لم يكن يستحسن للمرأة أن تتعلم لتعمل في كسب المعيشة وتتمرس بأعباء التجارة ومغامرات السوق، ويؤثر لها العمل في البيت على كل عمل في معترك الحياة.

نامعلوم صفحہ